الأول إخبار عن عطاء والثاني حكاية عن لفظه ومحصلهما واحد. ومنها أن رواته أئمة أجلاء (بيان اللغات والإعراب والمعنى) قوله الخلاء بالمد هو التبرز والمراد به ههنا الفضاء ويدل عليه الرواية الأخرى كان إذا خرج لحاجته ويدل عليه أيضا حمل العنزة مع الماء فإن الصلاة إليها إنما تكون حيث لا سترة غيرها وأيضا فإن الأخلية التي هي الكنف في البيوت يتولى خدمته فيها عادة أهله قوله يدخل الخلاء جملة في محل النصب على أنها خبر كان والخلاء منصوب بتقدير في أي في الخلاء وهو من قبيل دخلت الدار قوله وعنزة بالنصب عطف على قوله إداوة قوله يستنجي بالماء جملة استئنافية كأن قائلا يقول ما كان يفعل بالماء قال يستنجي به قوله سمع أنس بن مالك تقديره أنه سمع ولفظة أنه تحذف في الخط وتثبت في التقدير قوله وعنزة أي ونحمل أيضا عنزة. وكانت الحكمة في حملها كثيرة * منها ليصلي إليها في الفضاء * ومنها ليتقي بها كيد المنافقين واليهود فإنهم كانوا يرومون قتله واغتياله بكل حالة ومن أجل هذا اتخذ الأمراء المشي أمامهم بها * ومنها لاتقاء السبع والمؤذيات من الحيوانات * ومنها لنبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خشية الرشاش ومنها لتعليق الأمتعة. ومنها للتوكأ عليها. ومنها قال بعضهم أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة وهذا بعيد لأن ضابط السترة في هذا مما يستر الأسافل والعنزة ليست كذلك (تابعه النضر وشاذان عن شعبة) أي تابع محمد بن جعفر النضر بن شميل وحديثه موصول عند النسائي والنضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل بضم الشين المعجمة المازني البصري أبو الحسن من تبع التابعين الساكن بمرو وقال ابن المبارك هو درة بين مروين ضائعة يعني كورة مرو وكورة مرو الروذ وهو إمام في العربية والحديث وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان وكان أروى الناس عن شعبة ألف كتبا لم يسبق إليها مات آخر سنة ثلاث أو أربع ومائتين عن نيف وثمانين سنة قوله وشاذان بالرفع عطف على النضر أي وتابع محمد بن جعفر بن شاذان وحديثه موصول عند البخاري في الصلاة على ما يأتي إن شاء الله تعالى وشاذان بالشين المعجمة والذال المعجمة وفي آخره نون وهو لقب الأسود بن عامر الشامي البغدادي أبو عبد الرحمن روى عن شعبة وخلق وعنه الدارمي وخلق مات سنة ثمان ومائتين وشاذان أيضا لقب عبد العزيز بن عثمان بن جبلة الأزدي مولاهم المروزي أخرج له البخاري والنسائي وهو والد خلف بن شاذان وكأنه معرب ومعناه بالفارسية فرحان وقال الكرماني ويحتمل أن البخاري روى عنه أي بلا واسطة أو روى له أي بالواسطة فهو إما متابعة تامة أو متابعة ناقصة وفائدتها التقوية قلت روى له البخاري كما ذكرنا بواسطة فقال حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع قال حدثنا شاذان عن شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة قال سمعت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام معنا عكازة أو عصا أو عنزة ومعنا إداوة فإذا فرغ من حاجته ناولناه الإداوة (العنزة عصا عليه زج) هذا التفسير وقع في رواية كريمة لا غير والزج بضم الزاي المعجمة وبالجيم المشددة هو السنان وفي العباب الزج نصل السهم والحديدة في أسفل الرمح والجمع زججة وزجاج ولا تقل أزجة ثم اعلم أن العنزة هل هي قصيرة أو طويلة فيه اضطراب لأهل اللغة صحح الأول القاضي عياض والثاني النووي في شرحه وجزم القرطبي في باب من قدم من سفر بأنها عصا مثل نصب الرمح أو أكثر وفيها زج ونقله ابن عبيد وفي غريب ابن الجوزي أنها مثل الحربة قال الثعالبي فإن طالت شيئا فهي النيزك ومطرد فإذا زاد طولها وفيها سنان عريض فهي آلة وحربة وقال ابن التين العنزة أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح وعبارة الداودي العنزة العكاز أو الرمح أو الحربة أو نحوها يكون في أسفلها قرن أو زج وقال الحربي عن الأصمعي العنزة ما دور نصله والآلة والحربة العريضة النصل وقيل الحربة ما لم يعرض نصله والله أعلم *
(٢٩٣)