عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٣٠٤
عليه الصلاة والسلام أعلم الأمة باللغة وقال الداودي يحتمل أن يريد بالركس النجس ويحتمل أن يريد لأنها طعام الجن وفي العباب الركس فعل بمعنى مفعول كما أن الرجيع من رجعته والرجس بالكسر والرجس بالتحريك والرجس مثال كتف القذر يقال رجس نجس ورجس نجس ورجس نجس اتباع وقال الأزهري الرجس اسم لكل ما استقذر من العمل ويقال الرجس المأثم (بيان الإعراب) قوله ذكره جملة في محل النصب لأنها خبر ليس قوله ولكن للاستدراك وقوله عبد الرحمن مرفوع بفعل محذوف تقديره ولكن حدثني عبد الرحمن قوله أنه أصله بأنه وقوله عبد الله مفعول لقوله سمع فقوله يقول جملة في محل النصب على الحال قوله الغائط منصوب بقوله أتى قوله أن آتيه كلمة أن مصدرية صلة للأمر أي أمرني بإتيان الأحجار وليست أن هذه مفسرة بخلاف أن في قوله أمرته أن يفعل فإنها تحتمل أن تكون صلة وأن تكون مفسرة قوله فوجدت بمعنى أصبت ولهذا اكتفى بمفعول واحد وهو حجرين قوله هذا ركس مبتدأ وخبر وقعت مقول القول فإن قلت المشار إليه يؤنث وهو قوله روثة فكيف ذكر الضمير قلت التذكير باعتبار تذكير الخبر كما في قوله تعالى * (هذا ربي) * وفي بعض النسخ هذه على الأصل (بيان المعاني) قوله والتمست الثالث أي طلبت الحجر الثالث قوله فلم أجده بالضمير المنصوب رواية الكشميهني وفي رواية غيره فلم أجد بدون الضمير قوله فأتيته بها أي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالثلاثة من الحجرين والروثة وليس الضمير في بها عائدا إلى الروثة فقط قوله هذا ركس كذا وقع ههنا فقيل هو لغة في رجس بالجيم ويدل عليه رواية ابن ماجة وابن خزيمة في هذا الحديث فإنه عندهما بالجيم وقال ابن خزيمة حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا زياد بن الحسن بن فرات عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرز فقال ائتني بثلاثة أحجار فوجدت له حجرين وروثة حمار فأمسك الحجرين وطرح الروثة وقال هي رجس (بيان استنباط الأحكام) الأول فيه منع الاستنجاء بالروث والباب معقود عليه وقد مر الكلام فيه مستوفى في الباب الذي قبله وقال ابن خزيمة في الحديث الذي رواه الذي ذكرناه الآن فيه بيان أن أرواث الحمر نجسة وإذا كانت أرواث الحمر نجسة بحكم النبي عليه الصلاة والسلام كان حكم جميع أرواث ما لا يجوز أكل لحمها من ذوات الأربع مثل أرواث الحمر قلت قد اختلف العلماء في صفة نجاسة الأرواث فعند أبي حنيفة هي نجس مغلظ وبه قال زفر وعند أبي يوسف ومحمد نجس مخفف وقال مالك الروث طاهر * الثاني فيه منع الاستنجاء بالنجس فإن الركس هو النجس كما ذكرناه * الثالث قال الخطابي فيه إيجاب عدد الثلاث في الاستنجاء إذ كان معقولا أنه إنما استدعاها ليستنجي بها كلها وليس في قوله فأخذ الحجرين دليل على أنه اقتصر عليهما لجواز أن يكون بحضرته ثالث فيكون قد استوفاها عددا ويدل على ذلك خبر سلمان قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نكتفي بدون ثلاثة أحجار وخبر أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يستنجي بدون ثلاثة أحجار قال ولو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن الفائدة فلما اشترط العدد لفظا وعلم الانقاء فيه معنى دل على إيجاب الأمرين ونظيره العدة بالإقراء فإن العدد مشترط ولو تحققت براءة الرحم بقرء واحد انتهى قلت لا نسلم أن فيه إيجاب عدد الثلاث بل كان ذلك للاحتياط لأن التطهير بواحد أو اثنين لم يكن محققا فلذلك نص على الثلاث لأن بالثلاث يحصل التطهير غالبا ونحن نقول أيضا إذا تحقق شخص أنه لا يطهر إلا بالثلاث يتعين عليه الثلاث والتعيين ليس لأجل التوفية فيه وإنما هو للانقاء الحاصل فيه حتى إذا احتاج إلى رابع أو خامس وهلم جرا يتعين عليه ذلك على أن الحديث متروك الظاهر فإنه لو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف جاز بالإجماع وقوله وليس في قوله فأخذ الحجرين دليل على أنه اقتصر عليهما ليس كذلك بل فيه دليل على ذلك لأنه لو كان الثلاث شرطا لطلب الثالث فحيث لم يطلب دل على ما قلناه وتعليله بقوله لجواز أن يكون بحضرته ثالث ممنوع لأن قعوده عليه الصلاة والسلام للغائط كان في مكان ليس فيه أحجار إذ لو كانت هناك أحجار لما قال له ائتني بثلاثة أحجار لأنه لا فائدة لطلب الأحجار وهي حاصلة عنده وهذا معلوم بالضرورة وقوله ولو كان المقصد الإنقاء فقط لخلا
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 » »»