العقد الحسيني - والد البهائي العاملي - الصفحة ١٠
لأنه ميراثه جعله الله في الدنيا محفوظا بعنايتهم وفي الآخرة ملحوظا بشفاعتهم إنه قريب مجيب (1) درة هي للدرر غرة أجمع العلماء على أن الطهارة من الخبث لا تجب لنفسها وإنما تجب للصلاة والطواف ودخول المساجد وإن لم تتعد خلافا للمتأخرين وكذلك يجب فيما يؤكل ويشرب وعن الضرائح المشرفة والمصاحيف ونحو ذلك وكذا الطهارة من الحدث لا يجب لنفسها وإنما تجب للصلاة والطواف ومس كتابة القرآن ونحو ذلك مما هو مسطور مشهور وقال بعضهم غسل الجنابة واجب لنفسه وهو فرق غير وجيه والأصح الأول فلا يجب إزالة النجاسة الخبثية ولا الحديثة إلا

(١) نقل كلام من علامة النجفي كاشف الغطاء ره يناسب المقام قال في مقدمات كشف الغطاء البحث الرابع والخمسون في أن الاحتياط في الجواز والحرمة والطهارة والنجاسة لا يجري في الأمور العامة لترتب الحرج على الخطاب بها وإن كان ندبيا ويرشد إلى ذلك في القسم الأول النظر إلى حال الحبوب من حنطة شعيرة و ذرة وأرز ونحوها وإلى حال الملبوس والمفروش من القطن والكتان والحرير وحال الصوف والوبر والشعر وإلى حال اللحوم والشحوم و الأدهان من الحيوانات الأهلية فإن إباحتها موقوفة على سلامة سلسلة الأصول من يوم ابتداء الخلق إلى زمان الانتفاع من دخول غصب أو حرمان إرث أو تعلق زكاة أو خمس ونحو ذلك وفي الحيوانات بسلامة الأمهات كذلك ومما يرشد إلى غير ذلك استمرار سيرة الأجلاء والأولياء من أصحاب النبي والأئمة عليهم السلام وجميع أهل الإسلام على استعمال الدارهم المسكوكة بسكة حكام الجور من خاصة أموالهم وعلى أخذ أموال الأعراب وركوب إبلهم خصوصا في طريق الحجاز والتصرف في أدهانهم وألبانهم فمن تطلب الحلال الواقعي بأخذ البذر من بلاد الكفار الحربيين وأراد حصول العلم فقد ضيق على نفسه وتعرض للإتيان بما لم يسبق به نبي أو وصي أو عالم ورع تقي ثم إنه قد طلب محالا لأنه كيف يعلم أنه في تضاعيف الطبقات من مبدء خلق الأصول لم يدخل غصب من مال معصوم من أن أموال المسلمين لم تزل نهبا في أيدي الكفار ولو أن مثل هذه الأمور يكون لها رجحان ووجه مقبول ما خلت عنه الأخبار ولظهر منه أثر في الآثار ولم يغفل عنه العلماء الأبرار من قديم الأعصار وفي القسم الثاني من عدم تحاشى المسلمين من أيام النبي والأئمة الطاهرين إلى يومنا هذا من استعمال السكر والعقاقير والأقمشة المجتلبة من الهند ومن المظنون بحيث يقارب القطع أنها مما تعملها الكفار وعدم التحاشي عما يصنع من الأدهان المتخذة من السمسم ونحوه و دبس التمر والعنب في مقام واحد برهة من الدهر ومن البعيد جدا أن لا تصيب محله نجاسته في حين من الأحيان خصوصا يكون البعيد من السمسم فإنه لا يخلو عن فضلة الفار ونحو ذلك فمن تعاطى غسل الأقمشة الهندية إذا أراد لبسها وهجر استعمال البرغال والجلد المسمى عند العجم بالصاغري والأدهان الطيبة المجتلبة من بلاد الهند إلى غير ذلك طالبا للاحتياط كان آتيا بالمرجوح دون الراجح ثم أيضا قال ره المقصد الحاد يعشر في الوسواس الذي أمر الاستعاذة منه رب الناس في سورة الناس وهو عبارة عن حالة في الإنسان تمنعه عن الثبات والاطمينان وهو كالجنون لها فنون ومنشأه غلبة الوهم واضطراب الفكر فقد يرى نفسه بأشد المرض وهو في كمال الصحة أو بأشد الخوف وهو في غاية الأمن ويرى عمله فاسد أو هو صحيح وغير فاعل بشئ عند الفراغ من فعله ويرى الطاهر نجسا والحلال حراما وبالعكس فيهما ويقع في المعاملات وإن كان معظم بلائه في العبادات وقد يقع في العقائد الأصولية فلا تطمئن إليها وفي الدلائل الشرعية فلا يعتمد عليها وأقوى البواعث على حصوله عاليا في العبادات الرياء ثم يقوى ويتحكم فيتسلط عليه الشيطان ويرفع عنه الاطمينان وهو مرض عظيم قد ينتهي بصاحبه إلى الجنون إن وقع في العقائد أفسد الإعتقاد أو في المعاملات أو في العبادات أورث فيها الفساد فيكرر القول أو الفعل فبهما ولا يعين القصد بواحد منهما وإن تعلق بالبدن تمارض طول الزمن أو تعلق بسوء الظن أقام بين الخلق نائرة الفتن فيجب تصفيته منه وإبعاد الشيطان برفعه عنه هو من ذميم الصفات المعدودة عند العقل والشرع من المحظورات وفيه مع قبحه في ذاته مفاسد عظيمه منها أنه حيث كانت عقيدته تصويب فعله وتخطئة فعل غيره ربما آل أمره إلى إنكار ضروري المذهب أو الدين فإن من الأمور الضرورية عدم ما أوجبه الوسواسية ومنها القدح في أعمال سيد الأمة وجميع أفعال الأئمة وهذان الوجهان قاضيان بالخروج عن الإيمان ومنها أنه يلزمه بالبناء على الحكم بوجوب فعله أو ندبه مثلا التشريع في الدين والدخول في زمرة العاصين ومنها أنه يتضمن غالبا سوء الظن بالمسلمين حتى ينجر إلى العلماء العاملين فيحكم بنجاستهم وبطلان عبادتهم ومنها أنه لا يستقر له عزم أو نية على عمل خاص لأن تكريره لعبادته أو معاملته باعث على عدم صحة عزمه ونيته ومنها أنه يكرر العمل في الصلاة فيدخل الفعل الكثير أو القول الماحي لصورة الصلاة أو الداخل في كلام الآدميين وإن كان من القرآن أو الذكر لتوجه النهي عنه لكونه وسواسا ومنها أنه كثيرا ما يصدر منه حركات تمحو صورة العبادة ومنها أنه كثير أما يدعو صاحبه إلى التجري على المعاصي بتأخير الفرائض عن أوقاتها لطول الاشتغال بمقدماتها أو الشك في في أوقاتها أو إلى ترك كثير من الواجبات بطول الاشتغال ببعضها أو إلى كثرة التصرف بالماء حتى يؤل إلى الإسراف أو حتى لا يرضى صاحب الحمام مثلا أو إلى تمريض البدن بكثرة مباشرة الماء ونحوه ومنها أنه قد عبد الشيطان أو شركه في عبادة الرحمن ومنها أنه قد شغل بوسواسه عن الإخلاص في العبودية وتدبر المعاني القرآنية وغير القرآنية انتهى كلامه رفع مقامه... مصحح منقول از كتاب كيمياى سعادت أبو حامد غزالي
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»