لنراه جفاء بالرجل فقال ابن عباس بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم اعلم أن الاقعاء ورد فيه حديثان ففي هذا الحديث إنه سنة وفي حديث آخر النهي عنه رواه الترمذي وغيره من رواية علي وابن ماجة من رواية أنس وأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من رواية سمرة وأبي هريرة والبيهقي من رواية سمرة وأنس وأسانيدها كلها ضعيفة وقد اختلف العلماء في حكم الاقعاء وفي تفسيره اختلافا كثيرا لهذه الأحاديث والصواب الذي لا معدل عنه أن الاقعاء نوعان أحدهما أن يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كاقعاء الكلب هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي والنوع الثاني إن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو مراد ابن عباس بقوله سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي والاملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عليه جماعات من المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون رحمهم الله تعالى قال القاضي وقد روى عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه قال وكذا جاء مفسرا عن ابن عباس رضي الله عنهما من السنة إن تمس عقبيك ألييك هذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس وقد ذكرنا أن الشافعي رضي الله عنه على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وله نص آخر وهو الأشهر أن السنة فيه الافتراش وحاصله أنهما سنتان وأيهما أفضل فيه قولان وأما جلسة التشهد الأول وجلسة الاستراحة فسنتها الافتراش وجلسة التشهد الأخير السنة فيه التورك هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه وقد سبق بيانه مع مذاهب العلماء رحمهم الله تعالى وقوله انا لنراه جفاء بالرجل ضبطناه بفتح الراء وضم الجيم أي بالانسان وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم قال وضبطه أبو عمر بن عبد البر بكسر الراء واسكان الجيم قال أبو عمر ومن ضم الجيم فقد غلط ورد الجمهور علي ابن عبد البر وقالوا الصواب الضم وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه والله أعلم
(١٩)