ولا عتب عليكم في ذلك فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم فهذا هو الذي تقدرون عليه وهو مكتسب لكم فيقع به التكليف فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن العمل بالطيرة والامتناع من تصرفاتهم بسببها وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن التطير والطيرة هي محمولة على العمل بها لا على ما يوجد في النفس من غير عمل على مقتضاء عندهم وسيأتي بسط الكلام فيها في موضعها إن شاء الله تعالى حيث ذكرها مسلم رحمه الله تعالى قوله ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء عليهم السلام يخط فمن وافق خطه فذاك اختلف العلماء في معناه من وافق خطه فهو مباح له ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة لا يباح والمقصود أنه حرام لأنه لا يباح الا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن وافق خطه فذاك ولم يقل هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا فالمعنى أن ذلك النبي لا منع في حقه وكذا لو علمتم موافقته ولكن لا علم لكم بها وقال الخطابي هذا الحديث يحتمل النهي عن هذا الخط إذا كان علما لنبوة ذاك النبي وقد انقطعت فنهينا عن تعاطي ذلك وقال القاضي عياض المختار أن معناه أن من وافق خطه فذاك الذي يجدون اصابته فيما يقول لا أنه أباح ذلك لفاعله قال ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن قوله وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية هي بفتح الجيم وتشديد الواو وبعد الألف نون مكسورة ثم ياء مشددة هكذا ضبطناه وكذا ذكر أبو عبيد البكري والمحققون وحكى القاضي عياض عن بعضهم تخفيف الياء والمختار التشديد والجوانية بقرب أحد موضع في شمالي المدينة وأما قول القاضي عياض انها من عمل الفرع فليس بمقبول لان الفرع بين مكة والمدينة بعيد من المدينة وأحد في شام المدينة وقد
(٢٣)