وان هو ادعى فيما زعم دليلا يحتج به قيل وما ذاك الدليل فان قال قلته لأني وجدت رواة الاخبار قديما وحديثا يروى أحدهم عن الآخر الحديث ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الارسال من غير سماع والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالاخبار ليس بحجة احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوي كل خبر عن راويه فإذا انا هجمت على سماعه منه لأدنى شئ ثبت عندي بذلك جميع ما يروى عنه بعد فان عزب عنى معرفة ذلك أوقفت الخبر ولم يكن عندي موضع حجة لامكان الارسال فيه فيقال له فان كانت العلة في تضعيفك الخبر وتركك الاحتجاج به امكان الارسال فيه لزمك ان لا تثبت اسنادا معنعنا حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره وذلك أن الحديث الوارد علينا باسناد هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فبيقين نعلم أن هشاما قد سمع من أبيه وان أباه قد سمع من عائشة كما نعلم أن عائشة قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه سمعت أو اخبرني أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية انسان آخر اخبره بها عن أبيه ولم يسمعها هو من أبيه لما أحب ان يرويها مرسلا ولا يسندها إلى من سمعها منه وكما يمكن ذلك في هشام عن أبيه فهو أيضا ممكن في أبيه عن عائشة وكذلك كل اسناد لحديث ليس فيه ذكر سماع بعضهم من بعض وإن كان قد عرف في الجملة ان كل واحد منهم قد سمع من صاحبه سماعا كثيرا فجائز لكل واحد منهم ان ينزل في بعض الرواية فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه ثم يرسله عنه أحيانا ولا يسمى من سمع منه وينشط أحيانا فيسمى الذي حمل عنه الحديث ويترك الارسال وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض من فعل ثقات المحدثين وأئمة أهل العلم وسنذكر من رواياتهم
(٢٤)