دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٢٢٥
تاريخ تدوين الحديث وكتابته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والسلام على عباده الذين اصطفى قد كان علماء الصحابة ومن بعدهم من التابعين والخالفين من الخاصة والعامة ورواة أخبار النبي والأئمة صلوات الله عليهم - ولا يزالون - يتوارثون العناية برواية الحديث وحمله، وكتابته، وجمعه، وترتيبه، وتدوينه، ونقده وفنون درايته، وتحقيق تواريخ وطبقات رجاله، وتعديل رواته.
ومما يدل على عنايتهم بذلك ما رواه محمد بن جرير بن رستم الطبري في أول كتاب دلائل الإمامة قال: " جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال: يا ابنة رسول الله هل ترك رسول الله - عندك - شيئا تطرفينيه؟ فقالت: يا جارية، هات تلك الحريرة، فطلبتها فلم تجدها، فقالت [فاطمة]: ويحك اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا، فطلبتها، فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمد النبي صلى الله عليه وآله: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره - إلى آخر الحديث ".
وفي الأخبار ما يفيد اهتمام الأصحاب بحمل الحديث، والرحلة في طلبه من أصحابه، وتفضيله والحث عليه.
ومنها ما في مختصر جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر الأندلسي في باب ذكر الرحلة في طلب العلم " عن جابر بن عبد الله - رحمه الله - قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي، ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله بن أنيس الأنصاري (1)، فأتيت منزله، وأرسلت إليه أن جابرا على الباب، فرجع إلي الرسول، فقال:
جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم، فخرج إلي فاعتنقته واعتنقني، قال: قلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المظالم لم أسمعه

(1) هو الجهني الصحابي الجليل. شهد العقبة. وغزوة أحد وتوفي سنة 54.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»