أحدهم عليهم السلام حديثا بادروا إلى ضبطه في أصولهم من غير تأخير» (1) كما وأن بناء القدماء في تصحيح الحديث إذا وجدوه في أحد الأصول ويزداد تقوية سند الحديث عندما يتكرر أكثر من كتاب «كما ذكره الشيخ البهائي في مشرق الشمسين الأمور الموجبة لحكم القدماء بصحة الحديث (وعد منها) وجود الحديث في كثير من الأصول الأربع منه المشهورة المتداولة عندهم (ومنها) تكرر الحديث في أصل أو أصليين منها بأسانيد مختلفة متعددة (ومنها) وجوده في أصل وجل واحد معدود من أصحاب الاجماع. كما قال المحقق الداماد - وليعلم أن الأخذ من الأصول المصححة المعتمدة أحد أركان تصحيح الرواية». (2) وهكذا تتضح مكانتها عند العلماء ومالها من اعتماد عند الشيعة. فكانت مصدرهم في استنباط الاحكام الشرعية ومرجعهم مع مكانت بقية التصانيف.
ولكن ما أصاب الشيعة من نكبات ومصائب وضغوط من قبل الولاة أدى إلى هجرة كثير من أصحاب الأصول مع اخفاء مؤلفات كثيرة مع إصابة بعض مكتبات الشيعة بالحرق والتمزيق أو إلقاؤها في الماء. «وأول تلف وقع فيها - الأصول الأربع مئة - إحراق ما كان منها موجودا في مكتبة سابور بكرخ / بغداد فيما أحرق من محال الكرخ عند ورود طغول بيك أول ملوك السلوجقية إلى بغداد سنة 448 ه. كما ذكره في معجم البلدان بعد ما مر من كلامه وذلك كان بعد تأليف شيخ الطائفة التهذيب والاستبصار وجمعهما من تلك الأصول التي كانت مصادر لهما بعد التاريخ المذكور هاجر هو من الكرخ وهبط النجف الأشرف وصيرها مركز العلوم الدينية إلى اثنتي عشرة سنة وتوفي بها سنة 460 ه. وكان أكثر تلك الأصول باقيا بالصورة الأولية إلى عصر محمد بن إدريس الحلي وقد استخرج من جملة منها ما جعله مستطرف السرائر وحصلت جملة منها عند السيد رضي الدين بن طاوس المتوفي سنة 664 ه. كما ذكرها في كشف المحجة ونقل عنها في تصانيفه الأخرى ثم تدرج التلف وتقليل النسخ في أعيان هذه الأصول إلى ما نراه في عصرنا هذا ولعله يوجد منها في أطراف الدنيا ما لم نطلع عليه والله العالم» (3) وبسبب انتشار الأصحاب في البلدان وكثرة الضغوط عليهم ضاع كثير من الكتب.