أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ١٦٣
ولما نادى ابن العاص يوم صفين بأبيات قال فيها:
(ردوا علينا شيخنا كما كان) فأجابه أهل العراق:
أبت سيوف مذحج وهمدان * بأن ترد نعثلا كما كان ثم نادى عمرو بن العاص ثانية: (ردوا علينا شيخنا ثم بجل).
فرد عليه أهل العراق: (كيف نرد نعثلا وقد قحل) (109).
أفتت أم المؤمنين بقتل الخليفة، وإذا كان هناك أمل ضئيل قبل هذه الفتيا في الاصلاح بين المسلمين والخليفة يقوم به علي أو غيره، فقد وقعت الواقعة بعد صدور هذه الفتوى الصريحة، وانطلاقها من فم أم المؤمنين، وقضي الامر.
وذلك لما بلغت إليه أم المؤمنين منذ عهد الخليفتين من مكانة مرموقة بين المسلمين بما كانا يعظمانها في كل شئ ويرجعان إليها في الفتيا، وزاد في تأثير فتياها صدورها في أوانها حيث بلغ السيل الزبى والحزام الطبيين (110). وبعد حصول الانشقاق بين الأسرة الحاكمة من آل أمية في البلاد وأفراد المسلمين بطبقاتهم كافة مما أوردنا بعضا منها وأعرضنا عن ذكر أكثرها روما لاختصار.
وبعد هذه الفتيا والتي كانت الجماهير الاسلامية من الصحابة وغيرهم قد صممت على تنفيذها، لم يبق أمام أحد مجال إلا في طريقين: الاعتزال أو القتال. والقتال إما في صف الخليفة المحاصر من قبل الجماهير وإما في صف الجماهير الهادرة الثائرة. فاختار على وسعد من أهل الشورى الاعتزال، وطلحة والزبير القتال في صف الجماهير.
انتشرت على الأفواه كلمة أم المؤمنين: " اقتلوا نعثلا " فقالها غيرها لما كانوا

(١٠٩) صفين لنصر بن مزاحم ٢٥٦ و ٢٥٧ و ٤٥٤، وابن أبي الحديد ١ / ٤٨٢ وثم بجل أي ثم حسب. وقد قحل أي قد يبس.
(١١٠) قال ابن الأثير في النهاية وفي حديث عثمان (رض): أما بعد فقد بلغ السيل الزبى.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»