السرى (1).
وروي في " مكارم الأخلاق " عن الصادق (عليه السلام): إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأت بها (2).
والأخبار في هذا المقام كثيرة.
وبهذا الصدد علينا أن نلتفت إلى نقطة مهمة وهي: أن السنة في موضوع بحث هذا الكتاب تتفاوت معنى مع المصطلح بين المؤرخين وأهل السيرة والحديث وكذلك الفقهاء، فإن السنة في مصطلح المؤرخين وكتاب السيرة عبارة عن تاريخ حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ميلاده إلى غزواته، وتاريخ حياة أولاده وعشيرته وأصحابه، ونحو ذلك.
وفي اصطلاح المحدثين هي عبارة عن أقوال وأفعال وتقارير المعصوم (عليه السلام)، وهو عند العامة رسول الله فقط، وعند شيعة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هو بإضافتهم إليه.
وفي اصطلاح الفقهاء هي عبارة عن عمل مستحب في مقابل الأحكام الأربعة الأخرى: الواجب والحرام والمكروه والمباح.
والسنة في الأحاديث أطلقت على جميع الأوامر والأحكام التي قالها وعمل بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كعدد ركعات الصلوات اليومية والقراءة والتشهد والسلام فيها، وكيفية الحج والتمتع فيه، ونكاح النساء والتمتع بهن وطلاقهن، فعلى جميع هذه الأوامر والأحكام تطلق السنة في الأخبار والأحاديث.
بينما السنة في مصطلح هذا الكتاب - كما اتضح مما مر - أخص من جميع هذه المعاني، فهي عبارة عن الأعمال المستحبة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدأب ويداوم عليها في سيرته في حياته.
لا يخفى على أهل العلم والبصيرة كثرة سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآدابه، وأنها متفرقة بين مئات الكتب ضمن آلاف الأحاديث، وقد نقل كل من المحدثين شطرا منها حسب مناسبة أبواب كتبهم. وحسب اطلاعي قلما نجد كتابا بين مؤلفات