3 - إن الثابت عن ابن عباس بعدة طرق مسندة يضاد هذه المزعمة، ففيما رواه الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة وطريق العوفي عنه إنها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به، وينأون عنه يتباعدون عنه (1) وقد تأكد ذلك ما أخرجه الطبري وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد من طريق وكيع عن سالم عن ابن الحنفية، ومن طريق الحسين بن الفرج عن أبي معاذ، ومن طريق بشر عن قتادة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة والسدي والضحاك، ومن طريق أبي نجيح عن مجاهد، ومن طريق يونس عن ابن زيد قالوا: ينهون عن القرآن وعن النبي، وينأون عنه يتباعدون عنه (2) وليس في هذه الروايات أي ذكر لأبي طالب، وإنما المراد فيها الكفار الذين كانوا ينهون عن اتباع رسول الله أو القرآن، وينأون عنه بالتباعد والمناكرة، وأنت جد عليم بأن ذلك كله خلاف ما ثبت من سيرة شيخ الأبطح الذي آواه ونصره و ذب عنه ودعى إليه إلى آخر نفس لفظه.
4 - إن المستفاد من سياق الآية الكريمة أنه تعالى يريد ذم أناس أحياء ينهون عن اتباع نبيه ويتباعدون عنه، وإن ذلك سيرتهم السيئة التي كاشفوا بها رسول الله صلى الله عليه وآله، وهم متلبسون بها عند نزول الآية كما هو صريح ما أسلفناه من رواية القرطبي وإن النبي صلى الله عليه وآله أخبر أبا طالب بنزول الآية.
لكن نظرا إلى ما يأتي عن الصحيحين فيما زعموه من أن قوله تعالى في سورة القصص: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. نزلت في أبي طالب بعد وفاته. لا يتم نزول آية ينهون عنه وينأون النازلة في أناس أحياء في أبي طالب، فإن سورة الأنعام التي فيها الآية المبحوثة عنها نزلت جملة واحدة (3) بعد سورة القصص