الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٨٣
إن الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابا أليما (1). فبعد ترصيف السياسة المالية على أحسن نظام وأرقى منهج وتعبية ما يسد خلة الفقراء، سد عليهم أبواب السؤال و التكدي وشدد النكير عليهما بمثل قوله صلى الله عليه وآله: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع (2) ورغبهم إلى الاستعفاف والاستغناء عن الناس بكل ما تيسر من العمل بقوله صلى الله عليه وآله: لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأتي الجبل فيجئ بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه (3) وقرر على أهل اليسار للفقراء والمساكين حقوقا محدودة من شتى النواحي بعناوين مختلفة كرواتب سنوية أو كجراية شهرية تتعلق على الأنعام والغلات والنقدين وأرباح المكاسب والركاز والمعادن والأنفال وغيرها من الواجب المالي المقرر، مضافا على ما قد يجب على الانسان حينا بعد حين لموجب هنالك كالكفارات والنذور والمظالم.
وأما التطوع بالصدقات والانفاق مما فضل وهو الذي كاد أن يعد من فروض الانسانية فحدث عنه ولا حرج، وقد بالغ الصادع الكريم في الحث عليه ومر شطر من أحاديثه، وأخرج مسلم والترمذي وغيرهما من طريق أبي أمامة مرفوعا: يا ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك، ولا تلام على كفاف. الترغيب والترهيب 1: 232، 252.
وأخرج مسلم من طريق أبي سعيد الخدري مرفوعا: من كان معه فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له.
سنن البيهقي 4: 182.
وفي صحيح مر في ص 354 قوله صلى الله عليه وآله وسلم: على كل نفس يوم طلعت فيه الشمس صدقة عنه على نفسه.

(١) أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير كما في الترغيب والترهيب ١: ٢١٣، وروى موقوفا على أمير المؤمنين كما مر ص ٢٥٦.
(٢) الترغيب والترهيب ١: ٢٣٣ نقلا عن أبي داود والبيهقي.
(٣) صحيح البخاري ٣: ٣٤، صحيح مسلم ٣: ٩٧، سنن البيهقي 4: 195، الترغيب والترهيب 1: 233.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»