الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١١٥
23 - عن عمر بن عبد العزيز قال: الصلاة في السفر ركعتان حتمان لا يصح غيرهما. ذكره ابن حزم في المحلى 4: 271.
وذهب عمر وابنه، وابن عباس، وجابر، وجبير بن مطعم، والحسن، والقاضي إسماعيل، وحماد بن أبي سليمان، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة والكوفيون إلى أن القصر واجب في السفر كما في تفسير القرطبي 5: 351، وتفسير الخازن 1: 413.
أترى مع هذه الأحاديث مجالا للقول بأن القصر في السفر رخصة لا عزيمة؟ و لو كان يسوغ الإتمام في السفر لكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرب عنه بقول أو بفعل ولو بإتيانه في العمر مرة لبيان جوازه كما كان يفعل في غير هذا المورد. أخرج مسلم في صحيحه (1) من حديث بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى صلوات بوضوء واحد فقال له عمر: إنك صنعت شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال: عمدا صنعته يا عمر!. قال الشوكاني في نيل الأوطار 1: 258 بعد ذكر الحديث: أي لبيان الجواز وأخرج أحمد وأبو يعلى عن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فقام عمر خلفه بكوز فقال: ما هذا يا عمر؟ فقال: ماء تتوضأ به يا رسول الله!. قال: ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت كانت سنة " مجمع الزوائد 1: 241 " وكم للحديثين من نظير في أبواب الفقه؟.
ولو كان هناك ترخيص لما خفي على أكابر الصحابة حتى نقدوا عثمان نقدا مرا وفندوا معاذيره وفيهم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو باب مدينة علم النبي، ومستقى أحكام الدين من بعده، يعرف رخصها من عزائمها قبل كل الصحابة، فهل يعزب عنه حكم الصلاة وهو أول من صلى من ذكر مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
حتى إن الخليفة نفسه لم يفه بهذا العذر البارد، ولو كان يعرف شيئا مما قالوه لما أرجأ بيانه إلى هؤلاء المدافعين عنه، ولما كان في منصرم معاذيره بعد أن أعوزته:
إنه رأي رآه، ولما كان تابعه على ذلك من تابعه محتجا بدفع شر الخلاف فحسب من دون أي تنويه بمسألة الرخصة.
وأنت تعرف بعد هذه الأحاديث قيمة قول المحب الطبري في رياضه النضرة 2:

(1) الجزء الأول صفحة 122.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»