الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ١٦٤
أن يكون محفوظا عنه صلى الله عليه وسلم بدلالة الكتاب ثم السنة. فإن قيل: فأين دلالة الكتاب قيل: في قوله عز وجل: ولا تزر وازرة وزر أخرى. وأن ليس للانسان إلا ما سعى.
وقوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقوله: لتجزى كل نفس بما تسعى.
وعمرة أحفظ عن عائشة من ابن أبي مليكة، وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظا، فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قول النبي: إنهم ليبكون عليها وأنها لتعذب في قبرها. فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير لأنها تعذب بالكفر وهؤلاء يبكون ولا يدرون ما هي فيه، وإن كان الحديث كما رواه ابن أبي مليكة فهو صحيح لأن على الكافر عذابا أعلى فإن عذب بدونه فزيد في عذابه فبما استوجب، وما ينل من كافر من عذاب أدنى من أعلى منه وما زيد عليه من العذاب فباستيجابه لا بذنب غيره في بكائه عليه.
فإن قيل: يزيده عذابا ببكاء أهله عليه؟ قيل: يزيده بما استوجب بعمله ويكون بكاؤهم سببا لا أنه يعذب ببكائهم.
فإن قيل: أين دلالة السنة؟ قيل: قال رسول الله لرجل: ابنك هذا؟ قال نعم قال: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. فأعلم رسول الله مثل ما أعلم الله من أن جناية كل امرئ عليه كما عمله له لا لغيره ولا عليه.
م - ويكذب الخليفة بكائه على النعمان بن مقرن لما جاءه نعيمه فخرج ونعاه إلى الناس على المنبر ووضع يده على رأسه يبكي (1) ويكذبه وقوفه على قبر شيخ واعتناقه إياه وبكائه عليه (2) وكم وكم له من مواقف لدة ما ذكر).
وقبل هذه كلها بكاء النبي الأقدس والصحابة والتابعين لهم بإحسان على موتاهم فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي على ولده العزيز - إبراهيم - ويقول: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون (3).
وهذا هو صلى الله عليه وآله وسلم يبكي على ابنه طاهر ويقول: إن العين تذرف، وإن الدمع

(١) الاستيعاب في ترجمة النعمان ١ ص ٢٩٧.
(٢) راجع مآمر في الجزء الخامس ص ١٥٥.
(٣) سنن أبي داود ٣ ص ٥٨، سنن ابن ماجة ١ ص ٤٨٢.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»