النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٦١
عمه أبي ذؤيب، وأبي هريرة المسكين وأمثالهم (511).
وقد اعتصم بتقشفه في مأكله ومشربه ومسكنه ومركبه، وأخذه بالصبر عن الشهوات، والكف عن الملذات، والاكتفاء بالبلغة وإسباغه عطاياه على الأمة من الغنائم، لا يؤثر نفسه وأهله بشئ منها، ووفره على بيت المال. وأخذه بالحزم في محاسبة العمال. ومقاسمتهم إلى كثير من أمثال هذه الأمور التي ساقت الأمة بعصاه. وأخرست الألسن وألجمت الأفواه. لم يسلم منه أحد من عماله سوى معاوية على ما بينهما من تباين المشرب والسيرة. فإنه لم يحاسبه في شئ ولا عاقبه في أمر. بل تركه يسرح ويمرح على غلوائه إذ قال له:
لا آمرك ولا أنهاك. ومن عرف عمر علم أنه لأمر ما آثر معاوية هذا الإيثار (512).
[المورد - (59) - تشدده على أبي هريرة] وذلك أن عمر بعثه واليا على البحرين سنة إحدى وعشرين، فلما كانت سنة ثلاث وعشرين عزله وولي عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولم يكتف بعزله حتى استنقذ منه لبيت المال عشرة آلاف زعم أنه سرقها من مال الله في قضية مستفيضة، وحسبك منها ما ذكره ابن عبد ربه المالكي (فيما يأخذ به السلطان من الحزم والعزم من أوائل الجزء الأول من عقده الفريد) إذ قال - وقد ذكر عمر - ثم دعا أبا هريرة فقال له: علمت أني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين؟.
ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار!. قال: كانت لنا

(٥١١) الغدير ج ٦ / ٣١٦، راجع ما تقدم تحت رقم (٤٣٤) والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ / ٢٨٥.
(٥١٢) شيخ المضيرة أبو هريرة ص ٨٦.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»