وصدوه عن الكتاب، وقد تعلمون أنه صلى الله عليه وآله خرج إلى أحد بألف من أصحابه فرجع منهم قبل الوصول ثلاث مئة من المنافقين (1) وربما بقي معه منافقون لم يرجعوا خوف الشهرة أو رغبة بالدفاع عن أحساب قومهم، ولو لم يكن في الألف إلا ثلاث مئة منافق، لكفى دليلا على أن النفاق كان زمن الوحي فاشيا، فكيف ينقطع بمجرد انقطاع الوحي ولحوق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى؟ فهل كانت حياته سببا في نفاق المنافقين؟! وموته سببا في إيمانهم وعدالتهم وصيرورتهم أفضل الخلق بعد الأنبياء وكيف انقلبت حقائقهم بعد وفاته صلى الله عليه وآله فأصبحوا - بعد ذلك النفاق - بمثابة من الفضل لا يقدح فيها شئ مما ارتكبوه من الجرائم والعظائم، وما المقتضي للالتزام بهذه المكابرات؟! التي تنفر منها الأسماع والأبصار والأفئدة؟ وما الدليل على هذه الدعاوي من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس؟ وما ضرنا لو صدعنا بحقيقة أولئك المنافقين، فإن الأمة في غنى عنهم بالمؤمنين المستقيمين من الصحابة، وهم أهل السوابق والمناقب، وفيهم الأكثرية
(١٨)