بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٢ - الصفحة ١٩٢
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رافع درجات العالمين والمفضل لمداد العلماء على دماء الشهداء المؤمنين، والمكمل لرتبتهم على مراتب الناس أجمعين، وجاعلهم شهداء على خلقه يوم يقوم الناس لرب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وآله المعصومين.
أما بعد: فهذا هو المجلد الخامس * والعشرون من جملة مجلدات كتاب بحار الأنوار تأليف المولى الأجل الأفضل مولانا محمد باقر بن المولى محمد تقي المجلسي قدس الله روحهما وحشرهما مع مواليهما وهذا المجلد آخر مجلدات البحار وهو كتاب الإجازات وهو يشتمل على فهرس أسامي علماء أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم بل العامة أيضا من قرب زمن مولانا (1) حجة بن الحسن صاحب الزمان عليه صلوات الرحمن إلى عصر المولى المؤلف رضي الله عنه وأرضاه وأورد قدس سره فيه أكثر إجازات أصحابنا أيضا من العلماء المعاصرين له ولوالده ولمشايخ والده وهكذا إلى قريب من زمان شيخنا المفيد قدس الله سره (2) وبالجملة فقد صار هذا المجلد هو الكافل لصحة أكثر كتب أصحابنا

* في الأصل: السادس والعشرون.
(١) (من قرب زمن الخ) أي من سنة ٢٦٥ من الهجرة إلى سنة ١٠٧٠ منها تقريبا.
(٢) وهو فذ من أئمة الدهر وأوحدي من زعماء العالم وعلم مفرد من اعلام الدين وكبير من جهابذة العلم وفطاحل الفضيلة شيخ الشيعة وزعيمها الأكبر ومعلمها المناضل المجاهد أبى عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد والمعروف بابن المعلم المتوفى ٤١٣ - رضوان الله عليه - ابن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير التابعي الشهيد في ولاء على أمير المؤمنين عليه السلام بيد الجبار السفاك الأموي حجاج ابن يوسف الثقفي الشقي لعنه الله.
كان - قدس سره - في الرعيل الأول من أعاظم علماء الإمامية في القرن الرابع انتهت إليه رياسة متكلمي الشيعة في عصره وأصفقت الأمة المسلمة على تقدمه في كل فضيلة يتحلى بها الانسان من مآثر العلم والعمل، ضع يدك على أي مأثرة ومزية تجده ابن بجدتها، تقصر ألسنة البلاغة دون وصفه وتكل السنة الأقلام مهما حاولت الإفاضة حول نعته ويقل كل ثناء بليغ عن التبسط في شخصيته وانى ثم انى يسع البيان استكناه عظمته.
كان - رحمة الله عليه - اعلم علماء عصره وامام من تأخر عنه منار الحق والدين نادرة الدنيا، حسنة الدهر، أعجوبة الزمان آية محكمة في العبادة والنسك والورع والتقى والزهد - ولقد مدحه علماء العامة في كتبهم.
فقال ابن حجر (لسان الميزان ج ٥ ص ٣٦٨) كان كثير التقشف والتخشع و الاكبار على العلم، تخرج على جماعة وبرع في مقالة الامامية حتى يقال: له على كل امام منة، كان أبوه معلما بواسط وولد بها وقتل بعكبرى ويقال: ان عضد الدولة كان يزوره في داره ويعوده إذا مرض وقال الشريف أبو يعلى الجعفري - وكان تزوج بنت المفيد:
: ما كان المفيد ينام من الليل الا هجعة ثم يقوم يصلى أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن.
ونقل العماد الحنبلي في شذرات الذهب ج ٣ ص ١٩٩ عن ابن أبي طي الحلبي في تاريخه أنه قال: هو شيخ من مشايخ الامامية رئيس الكلام والفقه والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية قال: وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم حسن اللباس كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر عاش ستا وسبعين سنة وله أكثر من مائتي مصنف جنازته مشهورة شيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة وكان موته في رمضان - رحمه الله.
وقال ابن النديم، ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت رئاسة متكلمي الشيعة إليه مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه دقيق الفطنة ماضي الخاطر شاهدته فرأيته بارعا وله كتب (فهرست ابن النديم ص ٢٦٦ وص ٢٩٣ طبع مطبعة الاستقامة).
وقال أيضا في مواضع اخر: ابن المعلم أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في زماننا إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الإمامية في الفقه والكلام والآثار مولده سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
وقال اليافعي في وقايع سنة ٤١٣: وفيها توفى عالم الشيعة وامام الرافضة صاحب التصانيف الكثيرة: شيخهم المعروف بالمفيد وبابن المعلم: البارع في الكلام والفقه و الجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية.
راجع ترجمته مقدمة البحار الطبع الحديث ومقدمة التهذيب الحديث أيضا ومقدمة كتابه الاختصاص ورجال النجاشي وغيره من كتب الرجال.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست