من أن يكون قد اشتغل به من هيأه عن عبادة الله جل جلاله وهو أهم منه، فربما يصير ذلك شبهة في الطعام والشراب، لكونه عمل في وقت كان الله جل جلاله كارها للعمل فيه، ومعرضا عنه، وحسبك في سقم طعام أو شراب أن يكون صاحبه رب الأرباب كارها لتهيئته على تلك الوجوه والأسباب، فما يؤمن المستعمل له أن يكون سقما في القلوب والأجسام والألباب.
أقول: وأما تعيين ما يفطر عليه من طريق الأخبار فقد رويناه بعدة أسانيد:
فمن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى الفقيه علي بن الحسن بن فضال التميمي (1) الكوفي من كتاب الصيام باسناده إلى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفطر على الأسودين، قلت: رحمك الله! وما الأسودين؟ قال: التمر و الماء والرطب والماء.
ورأيت في حديث من غير كتاب علي بن الحسن بن فضال عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أفطر على تمر حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة.
ومن ذلك ما رويناه أيضا باسنادنا إلى علي بن الحسن بن فضال من كتاب الصيام باسناده إلى غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، أن عليا عليهم السلام كان يستحب أن يفطر على اللبن.
ومن ذلك ما رويناه باسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه باسناده إلى الصادق عليه السلام أنه قال: الافطار على الماء يغسل ذنوب القلوب.
أقول: ولعل هذه المقاصد من الأبرار في الافطار كانت لحال يخصهم أو لامتثال أمر يتعلق بهم من التطلع على الأسرار، وكلما كان الذي يفطر الانسان عليه أبعد من الشبهات، وأقرب إلى المراقبات كان أفضل أن يفطر به، ويجعله مطية ينهض بها في الطاعات، وكسوة لجسده يقف بها بين يدي سيده (2).
فصل: فيما نذكره من دعاء أنشأناه نذكره عند تناول الطعام نرجو به تطهيره