بسم الله الرحمن الرحيم هبط الإسلام - آخر الديانات الإلهية - على أرض الحجاز القاحلة، ومنذ اللحظة الأولى كانت لنبيه الكريم صلى الله عليه وآله، من المتدينين المتواجدين في المنطقة - سواء الحنفاء أم المنتمون إلى الشرائع السماوية السابقة مواقف متميزة.
فهم - على ما كانوا عليه من جهل وانحراف - قد كانوا أقرب إلى ما جاء به الإسلام من سائر العرب المشركين، فهم يجتمعون مع هذا الدين الجديد على بعض الخطوط، ويتفقون معه في بعض الألفاظ، ويشتركون معا في بعض المفاهيم، ويلتقون عند بعض النقاط الغيبية.
ولقد كانت على أيدي أنبياء الله المرسلين عليهم السلام، بذور الدين منتثرة هنا وهناك، وهم بقايا جهودهم عليهم السلام.
والملتزمون بالأديان السابقة كانوا على مستويات مختلفة، ولهم إمكانات متفاوتة، وتطلعات متغايرة فالحنيفية الإبراهيمية أقلها عددا وشوكة، واليهودية أشدها تزمتا وتقوقعا، والمسيحية أكثرها عددا وانفلاتا.