قال شعيب: فقال لي أبو بصير: كلها، وفي عنقي.
فسأل الإمام ثانية، فقال: لا تأكلها.
فقال أبو بصير: سله ثالثة.
قال شعيب: فقلت: لا أسأله بعد مرتين.
فالذي يظهر لأول وهلة أن أبا بصير بإظهار رأيه في قبال كلام الإمام عليه السلام - أولا - ثم بإصراره على رأيه المخالف ثانيا وثالثا، يعارض مكررا ما يظهر من كلام الإمام عليه السلام في التحريم؟
فيتصور فيه تجاوزه عن حد الأب مع الإمام عليه السلام على أقل الفروض!
وقد حاول الحجة المفضال السيد عبد الرسول الشريعتمدار الجهرمي أن يوجه عمل أبي بصير بما ملخصه: أن أبا بصير كان قد سمع الباقر عليه السلام في عصره، وسمع الصادق عليه السلام في أوائل عهده، يأمران بكل ذبائح أهل الكتاب، وحيث أن في تلك الفترة، كان الوضع مؤاتيا للأئمة عليهم السلام أن يعلنوا عن الحقائق الدينية باعتبارها فترة ضعف بني أمية وانشغالهم عن مسائل الدين بأنفسهم فلم يكن ذلك العهد، عهد تقية أو خوف، بل عهد نشر العلم و الاعلان (عن مر الحق) كما في بعض النصوص.
فحمل أبو بصير ذلك التحليل على الحكم الواقعي، وحمل ما سعه الآن، وفي نهاية عصر الصادق عليه السلام حيث عاد الملوك إلى سيرتهم الأولى في الضغط على الأئمة عليهم السلام، حمله على التقية والحكم الظاهري، وجعل ما سمعه أولا قرينة على هذا.
وهذا التصرف من أبي بصير يعتبر نوعا من إعمال الاجتهاد، والترجيح