وروى زرارة بن أعين عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: كان علي عليه السلام إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس، فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس، فيعلمهم الفقه والقرآن. وكان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك، فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر - قال ولم يسمه محمد بن علي - فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر، وأمر فنودي الصلاة جامعة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس إنه ليس شئ أحب إلى الله ولا أعم نفعا من حلم إمام وفقهه، ولا شئ أبغض إلى الله ولا أعم ضررا من جهل إمام وخرقه.
ألا وإنه من لم يكن له من نفسه واعظ، لم يكن له من الله حافظ.
ألا وإنه من أنصف من نفسه، لم يزده الله إلا عزا.
ألا وإن الذل في طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته.
ثم قال: أين المتكلم آنفا. فلم يستطع الإنكار فقال: ها أنا ذا يا أمير المؤمنين. فقال: أما إني لو أشاء لقلت. فقال: أو تعفو وتصفح فأنت أهل لذلك. فقال: عفوت وصفحت.
فقيل لمحمد بن علي عليه السلام: ما أراد أن يقول؟. قال: أراد أن ينسبه.
وروى زرارة أيضا قال: قيل لجعفر بن محمد عليه السلام: إن قوما هاهنا ينتقصون عليا عليه السلام. فقال: بم ينتقصونه لا أبا لهم؟! وهل فيه موضع نقيصة؟ والله ما عرض لعلي عليه السلام أمران قط كلاهما لله طاعة إلا عمل بأشدهما وأشقهما عليه!
ولقد كان يعمل العمل كأنه قائم بين الجنة والنار، ينظر إلى ثواب هؤلاء فيعمل له، وينظر إلى عقاب هؤلاء فينتهي له، وإن كان ليقوم إلى الصلاة فإذا