الثاني: أن يكون العلم الحتمي بها مختصا به تعالى، وكل ما أخبر الله به من ذلك كان محتملا للبداء.
الثالث: أن يكون المراد عدم علم غيره تعالى بها إلا من قبله، فيكون كسائر الغيوب، ويكون التخصيص بها لظهور الامر فيها أو لغيره.
الرابع: ما أومأنا إليه سابقا وهو أن الله تعالى لم يطلع على تلك الأمور كلية أحدا من الخلق على وجه لا بداء فيه، بل يرسل علمها على وجه الحتم في زمان قريب من حصولها كليلة القدر أو أقرب من ذلك وهذا وجه قريب تدل عليه الأخبار الكثيرة إذ لا بد من علم ملك الموت بخصوص الوقت كما ورد في الاخبار، وكذا ملائكة السحاب والمطر بوقت نزول المطر، وكذا المدبرات من الملائكة بأوقات وقوع الحوادث.
تذييل قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب المسائل: أقول إن الأئمة من آل محمد (عليهم السلام) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطا في إمامتهم، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتسجيل بإمامتهم، وليس ذلك بواجب عقلا، ولكنه وجب لهم من جهة السماع، فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد، لان الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلا الله عز وجل وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.