فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله ضع يدك على رأسي، فوالله ما بقيت شعرة فيه ولا في جسدي إلا قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول لله (صلى الله عليه وآله). (1) 6 - نهج البلاغة: لما أخبر (عليه السلام) بأخبار الترك وبعض الأخبار الآتية قال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك وقال للرجل وكان كلبيا:
يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله: " إن الله عنده علم الساعة " الآية:
فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى أو قبيح أو جميل أو سخي أو بخيل أو شقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحدا إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي. (2) تحقيق: قد عرفت مرارا أن نفي علم الغيب عنهم معناه أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام. وإلا فظاهر أن عمدة معجزات الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) من هذا القبيل، وأحد وجوه إعجاز القرآن أيضا اشتماله على الاخبار بالمغيبات، ونحن أيضا نعلم كثيرا من المغيبات بإخبار الله تعالى ورسوله والأئمة (عليهم السلام) كالقيامة وأحوالها والجنة والنار والرجعة وقيام القائم (عليه السلام) ونزول عيسى (عليه السلام) وغير ذلك من أشراط الساعة، والعرش والكرسي والملائكة.
وأما الخمسة التي وردت في الآية فتحتمل وجوها:
الأول أن يكون المراد أن تلك الأمور لا يعلمها على التعيين والخصوص إلا الله تعالى، فإنهم إذا أخبروا بموت شخص في اليوم الفلاني فيمكن أن لا يعلموا خصوص الدقيقة التي تفارق الروح الجسد فيها مثلا، ويحتمل أن يكون ملك الموت أيضا لا يعلم ذلك.