والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه ذلك، قال جابر: فجئت إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله مستلقى على قفاه، ورداؤه تحت رأسه، وقد شد على بطنه حجرا، فقلت:
يا رسول الله إنه قد عرض لنا جبل لا تعمل (1) المعاول فيه، فقام مسرعا حتى جاؤه، ثم دعا بماء في إناء وغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه، ثم شرب و مج ذلك الماء في فيه ثم صبه على ذلك الحجر، ثم أخذ معولا فضرب ضربة، فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام، ثم ضرب أخرى فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور المدائن، ثم ضرب أخرى قبرقت برقة (2) فنظرنا فيها إلى قصور اليمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما إنه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق (3)، ثم انهال علينا الجبل كما ينهال الرمل.
فقال جابر: فعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مقوى أي جائع لما رأيت على بطنه الحجر، فقلت: يا رسول الله هل لك في الغداء (4)؟ قال: ما عندك يا جابر؟ فقلت:
عناق وصاع من شعير، فقال: تقدم وأصلح ما عندك، قال جابر: فجئت إلى أهلي فأمرتها فطحنت الشعير وذبحت العنز وسلختها، وأمرتها أن تخبز وتطبخ وتشوي فلما فرغت من ذلك جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله قد فرغنا فاحضر مع من أحببت، فقام (5) صلى الله عليه وآله إلى شفير الخندق ثم قال: يا معشر (6) المهاجرين والأنصار أجيبوا جابرا، وكان في الخندق سبعمائة رجل، فخرجوا كلهم ثم لم يمر بأحد من المهاجرين والأنصار إلا قال: أجيبوا جابرا،