بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٢٤
اليهود وبين قريش فعلت حتى لا يخرجوا من حصنهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خذل (1) بين اليهود وبين قريش، فإنه أوقع عندي، قال: فتأذن لي أن أقول فيك: ما أريد؟ قال: قل ما بدا لك، فجاء إلى أبي سفيان فقال له: تعرف مودتي لكم ونصحي ومحبتي ان ينصركم الله على عدوكم، وقد بلغني أن محمدا قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم، ووعدهم إذا فعلوا ذلك أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بني النضير وقينقاع، فلا أرى أن تدعوهم يدخلوا عسكركم (2) حتى تأخذوا منهم رهنا تبعثوا بهم إلى مكة، فتأمنوا مكرهم و غدرهم، فقال له أبو سفيان: وفقك الله وأحسن جزاءك، مثلك أهدى (3) النصائح، ولم يعلم أبو سفيان بإسلام نعيم ولا أحد من اليهود، ثم جاء من فوره ذلك إلى بني قريظة فقال له: يا كعب تعلم مودتي لكم، وقد بلغني أن أبا سفيان قال: نخرج هؤلاء اليهود فنضعهم في نحر محمد، فإن ظفروا كان الذكر لنا (4)، وإن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب، فلا أرى لكم أن تدعوهم يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم، إنهم إن لم يظفروا بمحمد لم يبرحوا حتى يردوا عليكم عهدكم وعقدكم بين محمد وبينكم، لأنه إن ولت قريش ولم يظفروا بمحمد غزاكم محمد فيقتلكم (5)، فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة، لا نخرج من حصننا حتى نأخذ منهم رهنا يكونون في حصننا.
وأقبلت قريش فلما نظروا إلى الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك، فقيل لهم: هذا من تدبير الفارسي الذي معه (6)، فوافى عمرو بن

(1) في المصدر: اخذل.
(2) في عسكركم خ ل.
(3) من أهدى خ ل.
(4) لنادونهم خ ل.
(5) فقتلكم خ ل.
(6) في الامتاع: وكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدوا أبو سفيان بن حرب في أصحابه يوما، وخالد بن الوليد يوما، ويغدو عمرو بن العاص يوما، وهبيرة بن أبي وهب يوما، و عكرمة بن أبي جهل يوما، وضرار بن الخطاب الفهري يوما، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون مرة أخرى. ويناوشون المسلمين، ويقدمون رماتهم فيرمون، وإذا أبو سفيان في خيل يطيفون بمضيق من الخندق فرماهم المسلمون حتى رجعوا وكان عباد بن بشر الزم الناس لقبة رسول الله صلى الله عليه وآله يحرسها، وكان أسيد بن حضير يحرس في جماعة، فإذا عمرو ابن العاص في نحو المائة يريدون العبور من الخندق، فرماهم حتى ولوا، وكان المسلمون يتناوبون الحراسة وكانوا في قر شديد وجوع، وكان عمرو بن العاص وخالد بن الوليد كثيرا ما يطلبان غرة ومضيقا من الخندق يقتحمانه، فكانت للمسلمين معهما وقائع في تلك الليالي.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست