عيسى عليه السلام أنبأ قومه بما كان من وراء حائط، ومحمد أنبأ عن مؤتة (1) وهو عنها غائب ووصف حربهم ومن استشهد منهم، وبينه وبينهم مسيرة شهر.
وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن شئ فيقول صلى الله عليه وآله: تقول أو أقول؟ فيقول: بل قل يا رسول الله، فيقول: جئتني في كذا وكذا حتى يفرغ من حاجته.
ولقد كان صلى الله عليه وآله يخبر أهل مكة بأسرارهم بمكة حتى لا يترك من أسرارهم (2) شيئا منها ما كان بين صفوان بن أمية وبين عمير بن وهب، إذ أتاه عمير فقال: جئت في فكاك ابني، فقال له: كذبت، بل قلت لصفوان وقد اجتمعتم في الحطيم، وذكرتم قتلى بدر: والله للموت خير لنا من البقاء (3) مع ما صنع محمد بنا، وهل حياة بعد أهل القليب؟ فقلت أنت لولا عيالي ودين علي لأرحتك من محمد، فقال صفوان: علي أن أقضي دينك، وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما يصيبهن من خير أو شر، فقلت أنت: فاكتمها علي، وجهزني حتى أذهب فأقتله، فجئت لتقتلني، فقال: صدقت يا رسول الله، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأشباه هذا مما لا يحصى.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه خلق (4) من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله عز وجل.
فقال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، ومحمد صلى الله عليه وآله قد فعل ما هو شبيه بهذا إذ أخذ (5) يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا، ثم قال للحجر: انفلق فانفلق ثلاث فلق، نسمع لكل فلقة منها تسبيحا لا يسمع للأخرى.
ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته، ولكل غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس