أجريت فيه روحه (1)، (ولقد ألقيت أنت معه في الذروة الأولى (2) وأقسم بحياته في كتابه، فقال جل ثناؤه: " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون (3) " أي وحياتك يا محمد، وكفى بهذا رفعة وشرفا من الله عز وجل ورتبة، قال اليهودي: فأخبرني عما فضل الله به أمته على سائر الأمم، قال عليه السلام: لقد فضل الله أمته صلى الله عليه وآله على سائر الأمم بأشياء كثيرة أنا أذكر لك منها قليلا من كثير، من ذلك قول الله عز وجل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس (4) " ومن ذلك أنه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلق في صعيد واحد سأله الله عز وجل النبيين هل بلغتم؟ فيقولون: نعم، فيسأل الأمم فيقولون: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فيقول الله جل ثناؤه وهو أعلم بذلك للنبيين: من شهداءكم اليوم؟ فيقولون: محمد و أمته، فتشد لهم أمة محمد بالتبليغ، وتصدق شهادتهم، وشهادة (5) محمد صلى الله عليه وآله فيؤمنون عند ذلك، وذلك قوله تعالى: " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا (6) " يقول:
يكون محمد عليكم شهيدا أنكم قد بلغتم الرسالة، ومنها أنهم أول الناس حسابا، وأسرعهم دخولا إلى الجنة قبل سائر الأمم كلها.
ومنها أيضا أن الله عز وجل فرض عليهم في الليل والنهار خمس صلوات في خمسة أوقات: اثنتان بالليل، وثلاث بالنهار، ثم جعل هذه الخمس صلوات تعدل خمسين صلاة، وجعلها كفارة خطاياهم، فقال عز وجل: " إن الحسنات يذهبن السيئات " (7) يقول:
صلاة الخمس تكفر الذنوب ما اجتنبت (8) الكبائر.
ومنها أيضا أن الله تعالى جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد ولا يعملها