وكان يقول صلى الله عليه وآله: " حبي خالط (1) دماء أمتي فهم يؤثروني على الآباء وعلى الأمهات وعلى أنفسهم " ولقد كان أقرب الناس (2) وأرؤفهم، فقال تبارك وتعالى: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (3) " وقال عز وجل:
" النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم (4) " والله لقد بلغ من فضله صلى الله عليه وآله في الدنيا ومن فضله صلى الله عليه وآله في الآخرة ما تقصر عنه الصفات، ولكن أخبرك بما يحمله قلبك، ولا يدفعه عقلك ولا تنكره بعلم إن كان عندك، لقد بلغ من فضله صلى الله عليه وآله أن أهل النار يهتفون ويصرخون بأصواتهم ندما أن لا يكونوا أجابوه في الدنيا، فقال الله عز وجل: " يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا (5) " ولقد ذكره الله تبارك وتعالى مع الرسل فبدأ به وهو آخرهم لكرامته صلى الله عليه وآله، فقال جل ثناؤه: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح (6) " وقال: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده (7) " والنبيون قبله (8)، فبدأ به وهو آخرهم، ولقد فضله الله على جميع الأنبياء، وفضل أمته على جميع الأمم فقال عز وجل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر (9) " فقال اليهودي: إن آدم عليه السلام أسجد الله عز وجل له ملائكته، فهل فضل لمحمد صلى الله عليه وآله مثل ذلك (10)؟ فقال عليه السلام: قد كان ذلك، ولئن أسجد الله لآدم ملائكته فإن ذلك لما أودع الله عز وجل صلبه من الأنوار والشرف، إذ كان هو الوعاء، ولم يكن سجودهم عبادة له، وإنما كان سجودهم طاعة لأمر الله عز وجل وتكرمة وتحية، مثل السلام من الانسان على الانسان، واعترافا لآدم عليه السلام بالفضيلة، وقد أعطى الله محمد صلى الله عليه وآله أفضل من ذلك، وهو أن الله صلى عليه، وأمر ملائكته أن يصلوا