بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٩
" رب أرني كيف تحيي الموتى "؟ وهذه آية متشابهة معناها أنه سأل عن الكيفية، والكيفية من فعل الله عز وجل، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ولا عرض في توحيده نقص فقال الله عز وجل: " أو لم تؤمن قال بلى " هذا شرط عام من آمن به متى سئل واحد منهم أولم تؤمن؟ وجب أن يقول: بلى كما قال إبراهيم عليه السلام ولما قال لله عز وجل لجميع أرواح بني آدم: " ألست ربكم قالوا بلى " قال: أول من قال بلى محمد صلى الله عليه وآله فصار بسبقه إلى بلى سيد الأولين والآخرين وأفضل النبيين والمرسلين، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته، قال الله عز وجل: " ممن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه " ثم اصطفاء الله عز وجل إياه في الدنيا ثم شهادته في العاقبة إنه من الصالحين في قوله عز وجل: " ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " والصالحون هم النبي والأئمة (1) صلوات الله عليهم، الآخذون عن الله أمره ونهيه، والملتمسون للصلاح من عنده والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله عز وجل: " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين " ثم اقتداء من بعده من الأنبياء عليهم السلام في قوله عز وجل: " ووصى إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " و في قوله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " وفي قوله عز وجل: " ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل " و أشراط كلمات الامام مأخذوة من جهته مما يحتاج إليه الأمة من مصالح الدنيا والآخرة وقول إبراهيم عليه السلام: " ومن ذريتي " من حرف تبعيض ليعلم أن من الذرية من يستحق الإمامة، ومنهم من لا يستحق الإمامة هذا من جملة المسلمين وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم عليه السلام بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم، فصح أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين، والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر، ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص أخص، ثم المعصوم هو الخاص الأخص، ولو كان للتخصيص صورة أدنى عليه لجعل ذلك من أوصاف الامام.
وقد سمى الله عز وجل عيسى من ذرية إبراهيم وكان ابن ابنته من بعده، و

(1) في نسخة: هم النبيون والأئمة.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست