بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٨
إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا " ودفع السيئة بالحسنة وذلك لما قال أبوه: " أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا " فقال: في جواب أبيه: " سأستغفر لك (1) ربي إنه كان بي حفيا " والتوكل بيان ذلك في قوله: " الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني و يسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ".
ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله: " رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين " يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز وجل ولا يحكمون بالآراء والمقائيس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق، بيان ذلك في قوله: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " أراد به هذه الأمة الفاضلة، فأجابه الله وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين وهو علي بن أبي طالب عليه السلام و ذلك قوله عز وجل: " وجعلنا لهم لسان صدق عليا " والمحنة في النفس حين جعل في المنجنيق وقذف به في النار. ثم المحنة في الولد حين امر بذبح ابنه إسماعيل. ثم المحنة بالأهل (2) حين خلص الله عز وجل حرمته من عزازة (3) القبطي في الخبر المذكور في هذه القصة.
ثم الصبر على سوء خلق سارة. ثم استقصار النفس في الطاعة في قوله: " ولا تخزني يوم يبعثون " ثم النزاهة في قوله عز وجل: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين " ثم الجمع لاشراط الطاعات في قوله: " إن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " فقد جمع في قوله: " محياي ومماتي لله رب العالمين " جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا يعزب عنها عازبة، ولا تغيب عن معانيها منها غائبة. ثم استجابة الله عز وجل دعوته حين قال:

(1) في نسخة: سلام عليك سأستغفر لك.
(2) ": ثم المحنة في الأهل.
(3) ": عزارة.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست