فقال اليوناني لا مير المؤمنين (عليه السلام) هذا الذي تذكره عن محمد (صلى الله عليه وآله) غائب عني، وأنا اقتصر منك على أقل من ذلك: أنا أتباعد عنك فادعني وأنا لا أختار الإجابة، فإن جئت بي إليك فهي آية فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا أنما يكون آية لك وحدك لأنك تعلم من نفسك أنك لم ترده وإني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا، أو ممن أمرته بأن يباشرك، أو ممن قصد إلى إجبارك وإن لم آمره إلا ما يكون من قدرة الله تعالى القاهرة، وأنت يا يوناني يمكنك أن تدعي ويمكن غيرك أن يقول: إني واطأتك على ذلك، فاقترح إن كنت مقترحا ما هو آية لجميع العالمين قال له اليوناني: إذا جعلت الاقتراح إلي فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك النخلة وتفرقها وتباعد ما بينها ثم تجمعها وتعيدها كما كانت فقال علي (عليه السلام): هذه آية وأنت رسولي إليها - يعني إلى النخلة - فقل لها: إن وصي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمر أجزاءك أن تتفرق وتتباعد فذهب فقال لها، فتفاصلت وتهافتت وتنثرت وتصاغرت (1) أجزاؤها حتى لم ير لها عين ولا أثر، حتى كأن لم يكن هناك نخلة قط، فارتعدت فرائص اليوناني فقال: يا وصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الأول فأعطني الآخر فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت فقال: أنت رسولي إليها بعد (2) فقل لها: يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأمرك أن تجتمعي وكما كنت تعودي، (3) فنادى اليوناني فقال ذلك فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور، (4) ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصور لها القضبان والا وراق وأصول السعف وشماريخ الأعذاق، (5) ثم تألفت وتجمعت و استطالت وعرضت واستقر أصلها في مقرها، وتمكن عليها ساقها، وتركب على
(٧٢)