الرحمن حين أخذ الطير (1) فقطعهن قطعا، ثم وضع على كل جبل منهن جزء، ثم ناداهن فأقبلن سعيا إليه، ثم موسى بن عمران وأصحابه السبعون الذين اختارهم صاروا معه إلى الجبل فقالوا له: إنك قد رأيت الله سبحانه، فأرناه كما رأيته، فقال لهم: إني لم أره، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم، وبقي موسى وحيدا فقال: يا رب إني اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به؟ فلو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ فأحياهم الله عز وجل من بعد موتهم، وكل شئ ذكرته لك من هذا لا تقدر على دفعه، لان التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به، فإن كان كل من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص والمجانين يتخذ ربا من دون الله فاتخذ هؤلاء كلهم أربابا، ما تقول يا يهودي؟ (2) قال الجاثليق: القول قولك، ولا إله إلا الله ثم التفت (عليه السلام) إلى رأس الجالوت فقال: يا يهودي أقبل علي أسألك بالعشر الآيات التي أنزلت على موسى بن عمران، هل تجد في التوراة مكتوبا نبأ محمد وأمته:
(إذا جاءت الأمة الأخيرة أتباع راكب البعير يسبحون الرب جدا جدا تسبيحا جديدا في الكنائس الجدد فليفزع بنو إسرائيل إليهم وإلى ملكهم لتطمئن قلوبهم، فإن بأيديهم سيوفا ينتقمون بها من الأمم الكافرة في أقطار الأرض) أهكذا هو في التوراة مكتوب؟ قال رأس الجالوت: نعم إنا لنجده كذلك. ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا؟ قال: أعرفه حرفا حرفا، قال لهما: أتعرفان هذا من كلامه: (يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابسا جلابيب النور، ورأيت راكب البعير ضوؤه مثل ضوء القمر)؟ فقالا: قد قال ذلك شعيا.
قال الرضا (عليه السلام): يا نصراني هل تعريف في الإنجيل قول عيسى: (إني ذاهب إلى ربكم وربي (3) والبارقليطا جاء، هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت له، وهو