سري عني، (1) وتحول غضبي عليك رضى. وسكت ساعة ثم قال له:
أريد أن أسألك عن العباس وعلي بما صار علي أولى بميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من العباس، والعباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصنو أبيه؟ (2) فقال له موسى: اعفني، قال:
لا والله لا أعفيتك (3) فأجبني، قال: فإن لم تعفني فأمني، قال: أمنتك، قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر (و خ ل) إن أباك العباس آمن ولم يهاجر، وإن عليا آمن وهاجر، وقال الله: (الذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) فالتمع لون هارون وتغير وقال:
مالكم لا تنسبون إلى علي وهو أبوكم، وتنسبون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جد كم؟
فقال موسى (عليه السلام): إن الله نسب المسيح عيسى بن مريم إلى خليله إبراهيم بأمه مريم البكر البتول التي لم يمسها بشر في قوله تعالى: (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى و إلياس كل من الصالحين) فنسبه بأمه وحدها إلى خليله إبراهيم كما نسب داود و سليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون بآبائهم وأمهاتهم فضيلة لعيسى ومنزلة رفيعة بأمه وحدها، وذلك قوله تعالى في قصة مريم: (إن الله اصطفاك وطهرك و اصطفاك على نساء العالمين) بالمسيح من غير بشر، وكذلك اصطفى ربنا فاطمة عليها السلام وطهرها وفضلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة.
فقال له هارون وقد اضطرب وساءه ما سمع: من أين قلتم: الانسان يدخله الفساد من قبل النساء ومن قبل الآباء لحال الخمس الذي لم يدفع إلى أهله؟ فقال موسى (عليه السلام): هذه مسألة ما سأل عنها أحد من السلاطين غيرك أمير المؤمنين (4) ولا تيم ولا عدي ولا بنو أمية، ولا سئل عنها أحد من آبائي فلا تكشفني عنها. (5) قال: فإن الزندقة