حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة: (سربها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني وأنت هو) (1) فعلي من رسول الله، ورسول الله منه، وقال له النبي حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: (أما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن من بعدي) فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه.
ثم لم يزل رسول الله في كل موطن يقدمه، ولكل شديد يرسله (2) ثقة منه به وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحة الله ورسوله، (3) وأنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله عز وجل: (السابقون السابقون أولئك المقربون) فكان أبي سابق السابقين إلى الله تعالى وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الأقربين، وقد قال الله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة) فأبي كان أولهم إسلاما وإيمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا، وأولهم على وجده (4) ووسعه نفقة، قال سبحانه: (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إياهم إلى الايمان بنبيه (صلى الله عليه وآله)، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان به أحد، وقد قال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين وقد قال الله تعالى: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) فهو المجاهد في سبيل الله حقا، وفيه نزلت هذه الآية، وكان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه حمزة وجعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين رضي