" فإن كنتم في ريب " من هذه الآيات " فأتوا " من مثل هذا الرجل بمثل هذا الكلام ليبين أنه كاذب، (1) لان كل ما كان من عند غير الله فسيوجد له نظير في سائر خلق الله " وإن كنتم " معاشر قراء الكتب من اليهود والنصارى " في شك " مما جاءكم به محمد صلى الله عليه وآله من شرائعه ومن نصبه أخاه سيد الوصيين وصيا بعد أن أظهر لكم معجزاته التي منها أن كلمته ذراع مسمومة، وناطقة ذئب، وحن إليه العود وهو على المنبر، ودفع الله عنه السم الذي دسته اليهود (2) في طعامهم، وقلب عليهم البلاء (3) وأهلكهم به، وكثر القليل من الطعام " فأتوا بسورة من مثله " يعني مثل القرآن من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم والكتب الأربعة عشر (4) فإنكم لا تجدون في سائر كتب الله سورة كسورة من هذا القرآن، وكيف يكون كلام محمد صلى الله عليه وآله المتقول أفضل من سائر كلام الله وكتبه يا معشر اليهود والنصارى؟ ثم قال لجماعتهم: " وادعوا شهداءكم من دون الله " ادعوا أصنامكم التي تعبدونها أيها المشركون، وادعوا شياطينكم يا أيها النصارى واليهود، وادعوا قرناءكم من الملحدين يا منافقي المسلمين من النصاب لآل محمد الطيبين عليهما السلام وسائر أعوانكم على إراداتكم " إن كنتم صادقين " بأن محمدا تقول هذا القرآن من تلقاء نفسه لم ينزله الله عليه، وأن ما ذكره من فضل علي على جميع أمته وقلده سياستهم ليس بأمر أحكم الحاكمين.
ثم قال عز وجل: " فإن لم تفعلوا " أي لم تأتوا يا أيها المقرعون بحجة رب العالمين " ولن تفعلوا " أي ولا يكون هذا منكم أبدا " فاتقوا النار التي وقودها الناس " أي حطبها " والحجارة " توقد تكون عذابا على أهلها " أعدت للكافرين " المكذبين بكلامه وبنبيه صلى الله عليه وآله الناصبين العداوة لوليه ووصيه، قال: فاعلموا بعجزكم عن ذلك أنه من قبل الله ولو كان من قبل المخلوقين لقدرتم على معارضته، فلما عجزوا بعد التقريع والتحدي قال الله: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله