خديجة من السرير، وضمته إلى صدرها، ووضعت رأسه في حجرها، وقبلت عينيه، وقالت: تزوجت نبيا مرسلا، فلما أفاق قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما الذي أصابك؟ قال: ما أصابني غير الخير ولكني سمعت صوتا أفزعني، وأظنه جبرئيل فاستبشرت.
ثم قالت: إذا كان غداة غد فارجع إلى الموضع الذي رأيت فيه بالأمس، قال: نعم فخرج صلى الله عليه وآله وإذا هو بجبرئيل في أحسن صورة وأطيب رائحة، فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والاكرام، ويقول لك: أنت رسولي إلى الثقلين، فادعهم إلى عبادتي، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وعلي ولي الله، فضرب بجناحه الأرض فنبع عين ماء، فشرب منها صلى الله عليه وآله وتوضأ، وعلمه (اقرأ باسم ربك الذي خلق) إلى آخرها.
وعرج جبرئيل إلى السماء، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله من حراء، فما مر بحجر ولا مدر ولا شجر إلا وناداه: السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأتي خديجة وهي بانتظاره وأخبرها بذلك، ففرحت به وبسلامته وبقائه (1).
3 - وذكر الشيخ علي بن إبراهيم بن هاشم، وهو من أجل رواة أصحابنا في كتابه أن النبي صلى الله عليه وآله لما أتي له سبع وثلاثون سنة، كان يرى في نومه كأن آتيا أتاه فيقول: يا رسول الله فينكر ذلك، فلما طال عليه الامر وكان بين الجبال يرعى غنما لأبي طالب عليه السلام، فنظر إلى شخص يقول له: يا رسول الله، فقال له: من أنت؟ قال: أنا جبرئيل أرسلني الله إليك ليتخذك رسولا، فأخبر رسول الله خديجة بذلك، وكانت خديجة قد انتهى إليها خبر اليهودي، وخبر بحيرا، وما حدثت به آمنة أمه، فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون كذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكتم ذلك.