كل حي وإن تطاول حيا * آخذ من سهامها بنصيب قال علي بن الحسين عليه السلام كان أبو طالب يضرب عن رسول الله عليه وآله السلام بسيفه، ويقيه بنفسه، فلما حضرته الوفاة، وقد قويت دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلت كلمته، إلا أن قريشا على عداوتها وحسدها، فاجتمعوا إلى أبي طالب، ورسول الله صلى الله عليه وآله عنده، فقالوا: نسألك من ابن أخيك النصف قال: وما النصف منه؟ قالوا:
يكف عنا، ونكف عنه، ولا يكلمنا، ولا نكلمه، ولا يقاتلنا، ولا نقاتله، لأن هذه الدعوة قد بعدت بين القلوب، وزرعت الشحناء، وأنبتت البغضاء.
فقال: يا ابن أخي، إن بني عمك وعشيرتك يسألونك النصف، وأن تكف عنهم، ويكفوا عنك، فقال: يا عم، لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي، وقبلوا نصيحتي، وأن الله عز وجل أمرني أن أدعو إلى دين الحنيفية، ملة إبراهيم، فمن أجابني، فله عند الله الرضوان، والخلود في الجنان، ومن عصاني، قاتلته حتى يحكم الله بيننا، وهو خير الحاكمين فقالوا يا أبا طالب، سله، أرسله الله إلينا خاصة، أم إلى الناس كافة؟ فقال أبو طالب: يا ابن أخي، إلى الناس كافة أرسلت، أم إلى قومك خاصة؟ قال: بل أرسلت إلى الناس كافة، إلى الأبيض، والأسود، والأحمر، والعربي، والعجمي، والذي نفسي بيده، لأدعون إلى هذا الامر، الأبيض، والأسود، ومن على رؤوس الجبال، ومن في لجج البحار، ولادعون ألسنة فارس والروم.
فتجبرت قريش، واستكبرت، وقالت: أما تسمع إلى ابن أخيك وما يقول؟ والله لو سمعت بهذا فارس والروم، لاختطفتنا من أرضنا، ولقلعت الكعبة حجرا حجرا. فأنزل الله تعالى: (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ) إلى آخر الآية (1).