فغمدوها، فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضما.
فسلوا بعد سيوفهم وقصدوه، فلما هموا بإرسالها عليه انضم طرفا الجبل، وحيل بينهم وبينه فغمدوها، ثم ينفرجان فيسلونها إلى أن بلغ ذروة الجبل، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة.
فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق ومد الله عز وجل في الجبل، فأبطأوا عنه حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من ذكره وثنائه على ربه واعتباره بعبرة.
ثم انحدر عن الجبل وانحدروا خلفه ولحقوه وسلوا سيوفهم ليضربوه بها فانضم طرفا الجبل وحال بينهم وبينه فغمدوها ثم انفرج فسلوها، ثم انضم فغمدوها، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة، كلما انفرج سلوها، فإذا انضم غمدوها.
فلما كان في آخر مرة وقد قارب رسول الله صلى الله عليه وآله القرار سلوا سيوفهم فانضم طرفا الجبل، وضغطهم الجبل، ورضضهم، وما زال يضغطهم حتى ماتوا جميعا.
ثم نودي يا محمد: انظر إلى خلفك إلى من بغى (1) عليك بالسوء ماذا صنع بهم ربك، فنظر فإذا طرفا الجبل مما يليه منضمان، فلما نظر انفرج الجبل، وسقط أولئك القوم وسيوفهم بأيديهم، وقد هشمت وجوههم وظهورهم وجنوبهم وأفخاذهم، وسوقهم، وأرجلهم، وخروا موتى، تشخب أوداجهم دما.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك الموضع سالما مكفيا مصونا محفوظا تناديه الجبال وما عليها من الأحجار والأشجار: هنيئا لك يا محمد صلى الله عليه وآله نصرة الله عز وجل لك على أعدائك بنا، وسينصرك