من هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما رفع رأسه قال له: امض بما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كسيرتك (١) واقع بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله.
قال: وأن ألقى عليك شبه مني، أو قال: شبهي؟ قال: إن يمنعني نعم، قال: فأرقد على فراشي واشتمل ببردي الحضرمي.
ثم إني أخبرك يا علي أن الله تعالى يمتحن أوليائه على قدر إيمانهم ومنازلهم من دينه فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، وقد امتحنك يا ابن أمي (٢) وامتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم عليه السلام والذبيح إسماعيل عليه السلام فصبرا صبرا فإن رحمة الله قريب من المحسنين.
ثم ضمه النبي صلى الله عليه وآله إلى صدره وبكى إليه وجدا به، وبكى علي عليه السلام جشعا لفراق رسول الله، واستتبع رسول الله أبا بكر بن أبي قحافة، وهند بن أبي هالة، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكانه مع علي عليه السلام يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين.
ثم خرج صلى الله عليه وآله في فحمة (٣) العشاء، والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الأعين فخرج وهو يقرأ هذه الآية ﴿وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون﴾ (4) وكان بيده قبضة من تراب، فرمى بها في رؤوسهم (5) فما شعر