فقال صاحب رأيهم: أصبت يا أبا الحكم، ثم أقبل عليهم، فقال:
هذا الرأي، فلا تعدلن به رأيا، وأوكئوا (١) في ذلك أفواهكم حتى يستتب (٢) أمركم، فخرج القوم عزين (٣) وسبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل عليه السلام، فتلا هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله: ﴿وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين﴾ (4).
فلما أخبره جبرئيل بأمر الله في ذلك ووحيه وما عزم له من الهجرة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لوقته، فقال له: يا علي إن الروح هبط على بهذه الآية آنفا، يخبرني أن قريش اجتمعت على المكر بي وقتلي، وأنه أوحي إلي عن ربي (5) عز وجل أن أهجر دار قومي وأن انطلق إلى غار ثور تحت ليلتي وأنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي ومضجعي (6) لتخفي بمبيتك عليه أثري (7)، فما أنت قايل وصانع؟
فقال علي عليه السلام: أو تسلمن بمبيتي هناك يا نبي الله؟ قال: نعم، فتبسم علي صلوات الله عليه ضاحكا، وأهوى إلى الأرض ساجدا، شكرا لما أنبأه (8) رسول الله صلى الله عليه وآله من سلامته وكان (9) علي صلوات الله عليه أول من سجد لله شكرا، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته