حلية الأبرار - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ٨٩
إلى أمرك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمصعب بن عمير (1) وكان فتى حدثا، مترفا بين أبويه، يكرمانه، ويفضلانه على أولادهم، ولم يخرج من مكة، فلما أسلم، جفاه أبواه، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد، فأمره رسول الله بالخروج مع أسعد، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا، فجاء إلى المدينة، ومعهما مصعب بن عمير، فقدموا على قومهم، وأخبروهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وخبره، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان، وكان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كل يوم، فيطوف على مجالس الخزرج، يدعوهم إلى الاسلام، فيجيبه الاحداث.
وكان عبد الله بن أبي (2) شريفا في الخزرج، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم، لشرفه وسخائه، وقد كانوا اتخذوا له إكليلا، احتاجوا في إتمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث (3)، ولم يعن على الأوس، وقال: هذا ظلم منكم للأوس، ولا أعين على الظلم، فرضيت به الأوس والخزرج.
فلما قدم أسعد، كره عبد الله ما جاء به أسعد وذكوان، وفتر أمره، فقال

(1) مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشي من بني عبد الدار. صحابي شجاع، من السابقين إلى الاسلام، أسلم في مكة المكرمة، وكتم إسلامه فعلم به أهله، فأوثقوه وحبسوه، فهرب مع من هاجر إلى الحبشة، ثم رجع إلى مكة، وهاجر إلى المدينة، فكان أول من جمع الجمعة فيها، وعرف فيها بالمقرئ، وأسلم على يده أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وشهد بدرا، وحمل اللواء يوم أحد فاستشهد سنة (3)، وكان في الجاهلية فتى مكة، شبابا وجمالا ونعمة، ولما ظهر الاسلام زهد بالنعيم، وكان يلقب " مصعب الخير " - الاعلام ج 8 / 150.
(2) عبد الله بن أبي: من مالك بن الحارث الخزرجي المشهور بابن سلول، كان من المنافقين في الاسلام، أظهر الاسلام بعد وقعة بدر خوفا، ولما تهيأ النبي صلى الله عليه وآله لوقعة أحد انخزل أبي وكان معه (300) رجل فقاد بهم إلى المدينة، هلك في سنة (9) بالمدينة وما صلى عليه النبي صلى الله عليه وآله.
(3) بعاث (بضم الباء): موضع قريب من المدينة اشتهر بالحرب الذي نشب بين الأوس والخزرج ببضع سنين، موطن قبيلة بني قريظة.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست