المصباح - الكفعمي - الصفحة ٤١٤
مقصر عن طاعتك لا يجب لاحد ان تغفر له باستحقاقه ولا ان ترضى عنه باستيجابه فمن غفرت له فبطولك ومن رضيت عنه فبفضلك تشكر يسير ما تشكر به وتثيب على قليل ما تطاع فيه حتى كان شكر عبادك الذي أوجبت عليه ثوابهم وأعظمت عنه جزاءهم امر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيته أولم يكن سببه بيدك فجازيتهم بل ملكت يا إلهي أمرهم قبل ان يملكوا عبادتك وأعددت ثوابهم قبل ان يفيضوا في طاعتك وذلك أن سنتك الافضال وعادتك الاحسان وسبيلك العفو فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت وشاهدة بأنك تفضل على من عافيت و كل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت فلو لا ان الشيطان يخدعهم (يختدعهم) عن طاعتك ما عصاك عاص ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك تشكر للمطيع ما أنت توليته له وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه أعطيت كلا منهما ما لم يجب له وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه ولو كافات المطيع على ما أنت توليته لأوشك ان يفقد ثوابك وان تزول عنه نعمتك ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة وعلى الغاية القريبة الزايلة بالغاية الطويلة المديدة الباقية ثم لم تمسه القصاص فيما اكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك ولم تحمله على المناقشات في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح وجملة ما سعى فيه جزاء للصغرى من أياديك ومننك ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك لا متى بهذا يا إلهي حال من أطاعك وسبيل من تعبد لك (واما) فاما العاصي امرك والمواقع نهيك فلم تعاجله بنقمتك
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»