وعلى الخصوص رواة الأحاديث القدماء، من أصحاب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحاب أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، أولئك الذين ائتمنوا على ودائع النبوة، ومواريث الإمامة، فإنهم تحملوا ما تحملوا، وعانوا ما عانوا من سياسات الارهاب والارعاب والفتك، وذلك حينما قام حكام ذلك العصر بمنع تدوين السنة الشريفة، ومعاقبة كل من يبثها بين الناس، أو ينشرها في الأمة!!.
فوقفت تلك الصفوة المجاهدة بوجه تلك التهديدات، يحملون إيمانا حيا، وفي أعناقهم أمانة كبرى، وعلى أكفهم بطولة لا تعرف إلا السيف والرمح، وهم كالجبال الشامخات الرواسي، لا ينال منها نائل، ولا يلوهم عن مقاصدهم وأهدافهم شئ، فقدمت نفوسها قربانا في محراب العقيدة، فداء للإسلام العزيز، وصيانة لرسالته المجيدة، وحفظا له من التحريف والمسخ والضياع، ومن ثم إيصالها سالمة وافية بلجاء، إلى أجيال تلك المدرسة الرفيعة، في طبقاتها المتتابعة المنيعة، ليستمر خط الولاية الحقة لامعا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا تحسبن عزيزي القارئ ذلك الذي نسطره ونمليه هنا، مبالغة منا في البيان، أو تجاوزا عن معهود الحدود، أو إنشاء من وحي غارق في خيال، كلا معاذ الله ما كان فيه شئ من إغراق أو تمحل، وكيف؟ وهذا ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو مسعود الأنصاري، يحبسون بالمدينة، حتى وفاة عمر بن الخطاب! وما لهم من ذنب اقترفوه، إلا كونهم رواة للحديث النبوي (1)!