فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٤٧
للصلاة، ثم قمت خلفه، فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الموقف (1)، فرأيته كلما مر بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها بأشجان الحنين، فلما أن تقشع (2) الظلام وثب قائما وهو يقول: " يامن قصده الطالبون فأصابوه مرشدا، وأمه (3) الخائفون فوجدوه متفضلا (4)، ولجأ إليه العابدون فوجدوه نوالا " (5) (6).
فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى علي أثره، فتعلقت به، فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرعب (7)، إلا ألحقتني منك جناح رحمة، وكنف رقة، فإني ضال، وبعيني كلما صنعت، وبأذني كلما نطقت، فقال: " لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري "، فلما أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي، فتخيل إلي أن الأرض تمد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي:
" أبشر فهذه مكة "، قال: فسمعت الصيحة (8)، ورأيت المحجة، فقلت:
بالذي ترجوه يوم الازفة ويوم الفاقة، من أنت؟ فقال لي: " أما إذا أقسمت

(١) في " د " والبحار: الوقت.
(٢) يقال: تقشع السحاب: أي تصدع وأتلع. وقشعت الريح السحاب من باب نفع: أي كشفته، فانقشع وتقشع. " مجمع البحرين - قشع - ٤: ٣٧٩ ".
(٣) الام بالفتح: القصد. يقال: أمه وأممه وتأممه، إذا قصده. " الصحاح - أمم - ٥: ١٨٦٥ ".
(٤) في مناقب ابن شهرآشوب: معقلا.
(٥) في مناقب ابن شهرآشوب: " ولجأ إليه العائذون فوجدوه موثلا " ولعله أنسب، والنوال: العطاء " الصحاح ٥: ١٣٨٦ ".
(6) في بحار الأنوار زيادة: متى راحة من نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا، ولامن حياض مناجاتك صدرا، صل على محمد وآله، وافعل بي أولى الامرين بك يا أرحم الراحمين.
(7) في مناقب ابن شهرآشوب: الرهب.
(8) في البحار: الضجة.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»