للصلاة، ثم قمت خلفه، فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الموقف (1)، فرأيته كلما مر بآية فيها ذكر الوعد والوعيد يرددها بأشجان الحنين، فلما أن تقشع (2) الظلام وثب قائما وهو يقول: " يامن قصده الطالبون فأصابوه مرشدا، وأمه (3) الخائفون فوجدوه متفضلا (4)، ولجأ إليه العابدون فوجدوه نوالا " (5) (6).
فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى علي أثره، فتعلقت به، فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرعب (7)، إلا ألحقتني منك جناح رحمة، وكنف رقة، فإني ضال، وبعيني كلما صنعت، وبأذني كلما نطقت، فقال: " لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري "، فلما أن صار تحت الشجرة أخذ بيدي، فتخيل إلي أن الأرض تمد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي:
" أبشر فهذه مكة "، قال: فسمعت الصيحة (8)، ورأيت المحجة، فقلت:
بالذي ترجوه يوم الازفة ويوم الفاقة، من أنت؟ فقال لي: " أما إذا أقسمت