فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٤٦
أيوب، قال: حدثني أبو بكر الكوفي، عن حماد بن حبيب الكوفي (1) قال:
خرجنا حجاجا فرحلنا من زبالة (2) ليلا، فاستقبلنا ريح سوداء مظلمة، فتقطعت القافلة، فتهت في تلك الصحاري والبراري، فانتهيت إلى واد فقر، فلما أن جنني الليل آويت إلى شجرة عادية، فلما أن اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل، عليه أطمار (3) بيض، تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي: هذا ولي من أولياء الله تعالى متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره، وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما استطعت، فدنا إلى الموضع، فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما هو يقول:
" يامن أحار (4) كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، ألج (5) قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك "، قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعضاؤه، وسكنت حركاته، قمت إلى الموضع الذي تهيأ منه للصلاة، فإذا بعين تفيض بماء أبيض، فتهيأت

(١) حماد بن حبيب العطار الكوفي، قال الشيخ المامقاني: لم أقف فيه إلا على ما رواه في المناقب وكتاب الاستخارات لابن طاووس عن محمد بن أبي عبد الله من رواة أصحابنا في أماليه - ثم ذكر الحديث الوارد في المتن، ثم قال: وفيه دلالة على كونه شيعيا بل من خلص الشيعة وأهل السر منهم، ضرورة أنهم عليهم السلام ما كانوا يبدون مثل ذلك من غرائب الأعمال إلا لمن كان كذلك،، وحينئذ فنستفيد من الخير حسن حال الرجل، والعلم عند الله تعالى. " تنقيح المقال ١: ٣٦٣ / ٣٢٨٢ ".
(٢) زبالة: بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية، وقال أبو عبيد السكوني: زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق، فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد. ويوم زبالة من أيام العرب، قالوا: سميت زبالة بزبلها الماء أي بضبطها له وأخذها منه. وقال ابن الكلبي: سميت زبالة باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها.
" معجم البلدان ٣: ١٢٩ ".
(٣) الطمر: الثوب الخلق " النهاية - خلق - 3: 138 ".
(4) في مناقب ابن شهرآشوب: حاز.
(5) في البحار: أولج.
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»