بقي السيد في بغداد إلى حين احتلال المغول فأصابته أهوال الاحتلال وشملته آلامه، وفي ذلك يقول: (تم احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين، 18 محرم سنة 656، وبتنا في ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال) (14).
ولما تم احتلال بغداد أمر هلاكو أن يستفتي العلماء: (أيما أفضل، السلطان الكافر العادل أم السلطان المسلم الجائر؟) ثم جمع العلماء بالمستنصرية لذلك. فلما وقفوا على الفتيا أحجموا عن الجواب، وكان رضي الدين علي بن طاووس حاضرا هذا المجلس وكان مقدما محترما، فلما رآى إحجامهم تناول الفتيا ووضع خطه فيها بتفضيل العادل الكافر على المسلم الجائر، فوضع الناس خطوطهم بعده (15).
وقد سببت فتياه هذه خيرا عميما للأمة، وكان من فوائد ذلك ما أشار إليه بقوله: (ظفرت بالأمان والإحسان وحقنت فيه دمائنا وحفظت فيه حرمنا وأطفالنا ونساؤنا وسلم على أيدينا خلق كثير) (16).
قال المحدث القمي: رأيت في كتاب من كبت الأنساب: (أنه لما تولى السيد رضي الدين النقابة وجلس على مرتبة خضراء، وكان الناس عقيب واقعة بغداد قد رفعوا السواد (الشعار العباسي) ولبسوا لباس الخضرة، قال علي بن حمزة العلوي الشاعر:
فذاك علي نجل موسى بن جعفر * شبيه علي نجل موسى بن جعفر فذاك بدست للإمامة أخضر * وهذا بدست للنقابة أخضر (17) لأن المأمون لما عهد إلى الإمام الرضا عليه السلام ألبسه لباسا أخضر