المنصب، ثم طلب منه تولي نقابة جميع الطالبيين فامتنع من ذلك عدة سنين، فهدده إن لم يقبل، ولكنه لم يعتن بالتهديد.
ثم إن بعض أعلام عصره طلب منه التصدي للفتيا والقضاء الشرعي، اعتمادا على فقهه العميق وورعه الذي لا يتسرب إليه الشك، ومن ذلك يحدثنا فيقول:
(وأراد بعض شيوخي أن أدرس وأعلم الناس وأفتيهم وأسلك سبيل الرؤساء المتقدمين، فوجدت الله جل جلاله يقول في القرآن الشريف: * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين) * (8)، فرأيت أن هذا تهديد من رب العالمين فكرهت وخفت من الدخول في الفتوى حذرا من أن يكون فيها تقول عليه وطلب رئاسة لا أريد بها التقرب إليه فاعتزلت) (9).
ثم اجتمع عندي من أشار إلى أن أكون حاكما بين المختلفين على عادة الفقهاء والعلماء من السلف الماضين ومصلحا لأمور المتحاكمين، فاعتزلت) (10).
قصة المغول ولما تغلب التتار على بلاد خراسان وطمعوا في بلاد العراق خاف السيد على بيضة الإسلام وقام بإصلاح الأمر، وهو يخبرنا عن ذلك فيقول:
(إنه كان قد غلب التتار على بلاد خراسان وطمعوا في هذه البلاد ووصلت سراياه إلى نحو مقاتلة بغداد في زمن الخليفة المستنصر - جزاه الله عني بما هو أهله - كتبت إلى الأمير (قشتمر)، وكان إذ ذاك مقدم العساكر خارج بلد بغداد، وهم مبرزون بالخيم والعدد والاستظهار ويخافون أن تأتيهم عساكر التتار وقد نودي في باطن البلد بالخروج إلى الجهاد، فقلت له بالمكاتبة: