اليقين - السيد ابن طاووس - الصفحة ٦٤
(استأذن لي الخليفة واعرض رقعتي عليه في أن يأذن في التدبير، ويكونون حيث أقول يقولون وحيث أسكت يسكتون، حتى أصلح الحال بالكلام، فقد خيف على بيضة الإسلام وما يعذر الله جل جلاله من يترك الصلح بين الأنام) (11).
وذكرت في المكاتبة:
(أنني ما أسير بدرع ولا عدة إلا بعادتي من ثيابي، ولكني أقصد الصلح ولا أبخل بشئ لا بد منه، وما أرجع بدون الصلح فإنه مما يريده الله عز وجل ويقربني منه) (12).
ولكن الحاكمين اعتذروا وأرادوا غير ما أراد رضوان الله تعالى عليه.
قال رحمه الله: (ثم حضرت عند صديق لنا - وكان أستاذ دار - وقلت له: تستأذن لي الخليفة في أن أخرج أنا وآخرون ونأخذ معنا من يعرف لغة التتار ونلقاهم ونحدثهم.... لعل الله جل جلاله يدفعهم بقوله أو فعل أو حيلة عن هذه الديار.
فقال: نخاف تكسرون حرمة الديوان ويعتقدون أنكم رسل من عندنا.
فقلت: أرسلوا معنا من تختارون ومتى ذكرناكم أو قلنا أننا عنكم حملوا رؤسنا إليكم وأنجاكم ذلك وأنتم معذورون ونحن إنما نقول: (أننا أولاد هذه الدعوة النبوية والمملكة المحمدية وقد جئنا نحدثكم عن ملتنا وديننا، فإن قبلتم وإلا فقد اعذرنا).
فقام وأجلسني في موضع منفرد أشار إليه، وظاهر الحال أنه أنهى ذلك إلى المستنصر.... ثم أطال وطلبني من الموضع المنفرد وقال ما معناه: (إذا دعت الحاجة إلى مثل هذا أذنا لكن لأن القوم الذين قد أغاروا ما لهم متقدم تقصدونه وتخاطبونه، وهؤلاء سرايا متفرقة وغارات غير متفقة) (13).

(11) كشف المحجة: ص 146.
(12) كشف المحجة: ص 147.
(13) كشف المحجة: ص 148.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»