كنت بين يدي مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام، وإذا بصوت قد أخذ جامع الكوفة. فقال: يا عمار، إئت بذي الفقار الباتر الأعمار (3)، فجئته بذي الفقار. فقال: أخرج يا عمار وامنع الرجل عن ظلامة هذه المرأة، فإن انتهى وإلا منعته بذي الفقار.
قال: فخرجت وإذا أنا برجل وامرأة قد تعلقوا بزمام جمل، والمرأة تقول: الجمل لي، والرجل يقول: الجمل لي. فقلت: إن أمير المؤمنين ينهاك عن ظلم هذه المرأة. فقال: يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة، ويريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة؟!
فقال عمار رضي الله عنه. فرجعت لأخبر مولاي وإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه وقال: ويلك، خل جمل المرأة. فقال: هو لي! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت يا لعين. قال: فمن يشهد أنه للمرأة، يا علي؟
فقال: الشاهد الذي لا يكذبه أحد من [أهل] (4) الكوفة. فقال الرجل: إذا شهد شاهد وكان صادقا سلمته إلى المرأة، فقال عليه السلام: تكلم أيها الجمل، لمن أنت؟ فقال بلسان فصيح: يا أمير المؤمنين وخير الوصيين، أنا لهذه المرأة منذ بضع عشرة سنة.
فقال علي عليه السلام: خذي جملك. وعارض الرجل بضربة قسمه نصفين (5).