والظاهر أن المنكر هو ابن أبي الحديد المعاصر للسيد المؤلف حيث صرح بذلك في شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 12.
وله مزيد الشكر حيث أقام في وجه الشبهة في أول مرحلة من إلقائها، فحسم مادته الفاسدة في بدء أمرها وختم على فم كل من كان يريد ابتاعه.
فلله الحمد على نصرة دينه ونصرة أمير المؤمنين عليه السلام حيث لم تفش هذه الشبهة بجهد سيدنا المؤلف الجليل في هذا الصعيد.
ومما نلفت نظر القارئ إليه أن صاحب الشبهة شكل في صدور التسمية والتلقيب بهذا اللقب من عند رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته، ولكن المؤلف قدم أتم البحث حول الموضوع فأثبت تسميته عليه السلام بذلك من الله تعالى عند ابتداء الخلق وأنه تعالى أخذ مواثيق الأنبياء على أنه عليه السلام (أمير المؤمنين)، وأثبت أن الله عز وجل سماه بذلك ليلة الإسراء وسماه بذلك جبرئيل. وأن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من حضره من الصحابة المسلمين بالتسليم على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين، بل أثبت أن الشمس وبعض الحيوانات بل الجمادات خاطبته بهذا اللقب بأمر الله تعالى.
ثم أضاف ما يدل على اختصاصه عليه السلام بهذا اللقب وحرمة تسمية غيره به وخطابه بذلك، حتى أن رسول الله وساير الأئمة الأحد عشر عليهم السلام من خلفائه لم يجز تسميتهم بخصوص هذا اللقب وإن كانوا جميعهم أمراء الخلق.
وبالجملة فقد أدى سيدنا المؤلف حق المطلب وانتهى فيه منتهى مداه.
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ المحدث الجليل أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري المتوفى 411 ه كان قد ألف كتابا سماه (كتاب التسليم على أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين)، ذكره النجاشي في رجاله: 51. كما أن أكثر مؤلفي الكتب المؤلفة في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وإثبات إمامته خصوا بابا بالموضوع نفسه.
بحوث حول كلمة أمير المؤمنين ونحن نغتنم الفرصة ونقتفي أثر هذا السيد العظيم ونتبرك بذكر بعض ما له دخل في الموضوع فنقول:
إن لمولانا علي بن أبي طالب عليه السلام شؤون ومقامات وفضائل فوق مستوى العقول، وكونه عليه السلام أميرا للمؤمنين مما من الله به على المؤمنين فاختصهم بأمير مثل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث: (والله ما سمي المؤمن مؤمنا إلا كرامة لأمير المؤمنين عليه السلام). [نفحات: ص 74].
وجه تخصيص هذا اللقب بعلي بن أبي طالب عليه السلام والله تعالى أعلم بعلة اختصاص هذا اللقب به عليه السلام، ولكن يحتمل على ما يستفاد من الأحاديث أن يكون من وجوه هذا الاختصاص:
(أنه كان في علم الله تعالى أن غاصبي منصب علي بن أبي طالب عليه السلام يسندون هذا المنصب إلى أنفسهم ويسمون أنفسهم بذلك ويستفيدون من قداسة هذا اللقب، فاختصه تعالى به وحكم بكفر من لقب